فَلَيْسَ
بِثَانٍ عَزْمُهُ عَنْ طِلاَبِهِ *** إِذَا ثَوَّبَ الدَّاعِي بِه وَصْلَ خُرَّدِ
أَطَارَ
الكَرَى عَنْهُمْ رَجَاءَ وِصَالِهِمْ *** وَشَوْقًا إِلَى قَبْرِ
النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
*****
ويُسافِرُ إِلَى مَكَّةَ، ويَصبِرُ عَلَى ما
يَنالُه مِن التَّعبِ. ما الَّذِي سَاقَهُ؟ إلاَّ الشَّوق إِلَى هذا البيتِ
العَتِيقِ الَّذِي جعلَهُ اللهُ مَثابَةً للنَّاسِ وأمنًا.
لا يَثنِيهِ شَيءٌ
عَن مَطلَبِه، وهو الحجُّ أو العُمرَةُ، لا يَثنِيه شيءٌ مِن المَشاقِّ أبدًا، ولا
يُوهَنُ عَزمُه.
«الكَرَى» هو النَّومُ، يَطِيرُ عَنهُم فِي أَسفارِهِم؛ رَجاءَ الوُصولِ إِلَى مَكَّةَ، والنَّاظِمُ يَقولُ: «إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ» وَهذا غَلطٌ؛ لأنَّ القبرَ لا يُسَافَرُ إليهِ، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى» ([1]) فالسَّفرُ ليسَ إِلَى القبرِ، وإنَّما السَّفرُ إِلَى زيارةِ المَسجدِ النَّبِويِّ والصَّلاةِ فِيه، وزيارةُ قَبرِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم تَدخُلُ تَبعًا لا قَصْدًا، ما جاءَ حَدِيثٌ واحدٌ يَحُثُّ عَلَى زيارةِ قَبرِ الرَّسولِ خَاصَّةً، بل الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم حثَّ عَلَى زيارةِ القُبورِ، وقالَ: «زُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالآخِرَةِ» ([2]) بَينَما لَمْ يَأتِ حَديثٌ واحدٌ صَحيحٌ يَحُثُّ عَلَى زِيارَةِ قَبرِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، وذلك سَدًّا لِذَريعةِ الشِّرْكِ؛ لِئَلاَّ يُغْلَى فِي قَبرِهِ صلى الله عليه وسلم، وقد دَعا اللهَ، وقالَ: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([3]) وقالَ: «لاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا» ([4]) يَعْنِي: تَجتَمِعونَ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1189)، ومسلم رقم (1397).