×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَإِنَّ رَجَائِي أَنْ يَمُنَّ بِزَوْرَةٍ *** فَأَبْلُغُ مِنْ تِلْكَ المَشَاعِرِ مَقْصِدِي

وَأَلْثُمُ آثَارَ النَّبِيِّينَ ضَارِعًا *** وَأَبْسُطُ كَفِي لِلدُّعَاءِ وَأَجْهَدِ

*****

 عليهِ، بل قالَ: «صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» ([1]) فِي أيِّ مكانٍ، ولكن مَن وَصلَ إِلَى المدينةِ، وصَلَّى فِي المَسجِدِ النَّبويِّ الشريفِ فالصَّلاةُ فِيه عَن ألفِ صَلاةٍ فِيما سِواهُ، فإنَّهُ يُسلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرَّةً واحدةً أَوَّلَ ما يَقدَمُ، وَلا يُكرِّرُ السَّلامَ، وَيَترَدَّدُ عَلَى القبْرِ، بل يُسلِّمُ عليهِ أَوَّلَ ما يَقدَمُ، فَبَعدَ ما يَدخُل المسجِدَ النَّبوِيَّ، ويُصلِّي رَكعتَينِ تَحِيَّةَ المَسجدِ، ثُمَّ يذهبُ، ويُسلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ هذا هو المَشرُوعُ، وهذا هو عَمَلُ الصَّحابةِ، وهُم أَعلَمُ الأُمَّةِ بِسُنَّتِه صلى الله عليه وسلم، ما كانُوا يَتردَّدُونَ عَلَى قبرهِ للسَّلامِ عليه، بل إذا أَردْتَ السَّلامَ عليهِ فِي أيِّ مكانٍ فَسلِّمْ عليهِ فِي مَكانِكَ، ويَصِلُه سَلامُكَ وصَلاتُكَ، كَما قالَ صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ»، وقالَ عليُّ بنُ الحُسينِ لِرَجُلٍ رآهُ عِندَ القَبرِ يُصلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ له: «مَا أَنْتَ وَمَنْ بِالأَندَلُسِ إلاَّ سَواء» ([2]) يَعْنِي: لا تَظُنَّ أَنَّهُ لا يُصَلَّى، ولا يُسلَّمُ عليه إلاَّ عِندَ قَبرِهِ، بلْ صَلِّ، وَسلِّمْ عليه فِي أيِّ مكانٍ، فَالحَقِيقةُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى المُسلمِ أَنْ يَعرِفَ أَنواعَ الغُلُوِّ، ويَبتَعِدَ عَنها، ويَتَّبِعَ السُّنَّةَ فِي هذا.

والنَّاظِمُ رحمه الله مَشَى عَلَى ما يَمشِي عليه بعضُ الفُقَهاءِ المُتأخِّرينَ، مِن هذه الأمُورِ عفا اللهُ عنهم.

كُلُّ هذا مِن الغُلُوِّ، وآثارُ النَّبِيِّينَ ما تُلثَمُ ولا يُتبرَّكُ بالحُجرَةِ


الشرح

([1] أخرجه: أبو داود رقم (2042)، وأحمد رقم (8804)، والطبراني في «الكبير» رقم (2729).

([2] انظر: «تفسير ابن كثير» (3/ 516).