وَمَنْ
حَجَّ بِالمَالِ الحَرَامِ يُعِيدُهَا *** كَذلِكَ مُرْتَدٌّ أَتَابَ
بِأَوْكَدِ
*****
أو يُتبرَّكُ بِما
يُنسَب إِلَى الأنبياءِ مِن الآثارِ، هذا مِن وَسائِلِ الشِّرْكِ، ولا دَلِيلَ
عليه، وهذا مِنَ المُبالَغَةِ.
ذَكرَ فِي هذا
البيتِ مُبطِلاتِ الحَجِّ، وهُما مُبطِلان:
الأوَّل: مَن حَجَّ بِنَفقةٍ
حَرامٍ؛ فإنَّ حَجَّهُ غَيرُ صَحيحٍ، وعليهِ أَن يُعيدَهُ إذا كانَ حِجَّةَ
الإسلامِ؛ لِمَا جاءَ فِي الحديثِ أنَّ الحاجَّ إذا حَجَّ بمالٍ حَلالٍ، وَوضعَ
رِجْلَهُ فِي الغَرْزِ، ونادَى: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لبَّيك، نادَى مُنادٍ مِنَ
السَّماءِ: لَبَّيكَ وَسَعْدَيْكَ، وَحَجُّكَ مَبروٌر، وَزَادُكَ حَلالٌ. وَإِنْ
حَجَّ بمالٍ حرامٍ فإنَّهُ إذا وَضعَ رِجلَهُ فِي الغَرْزِ، ونادَى: لَبَّيكَ
اللَّهُمَّ لَبَّيكَ، نَادَى مُنادٍ: لاَ لَبَّيكَ وَلا سَعْدَيْكَ، مالُكَ
حَرامٌ، وراحِلَتُكَ حَرامٌ، وحَجُّكَ مَأزُورٌ وغيرُ مَبرُورٍ ([1]). فدلَّ هذا عَلَى
بُطلانِ حَجِّ الإنسانِ بِمالٍ مُحرَّمٍ. يقولُ الشَّاعر:
إِذا حَجَجْتَ بِمالٍ
أَصلُهُ سُحْتٌ *** فَمَا حَججْتَ ولكِنْ حَجَّتِ العِيرُ
مَا يَقبلُ اللهُ
إلاَّ كُلَّ صالِحَةٍ *** ما كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ مَبْرُورُ
فهذا عَلَى ظاهرِهِ
أنَّهُ يَبطُلُ حَجُّهُ، ومِن العُلَماءِ مَن يقولُ: لا يَبطُلُ حَجُّه، وعَليهِ
التَّوبةُ إِلَى اللهِ مِن المالِ الحرامِ، وحَجُّهُ صَحِيحٌ؛ لأَنَّهُ أَدَّى
المَناسِكَ؛ فَيأثَم عَلَى الحرامِ، وتَمحُوهُ التَّوبةُ، والأحاديثُ لَيسَ
مَعناها بُطلان حَجِّهِ، وَإِنَّما مَعناها إِثْمُهُ، فإذا تابَ إِلَى اللهِ تابَ
اللهُ عليه.
النَّوع الثَّانِي مِن مُبطِلاتِ الحَجِّ: الرِّدَّةُ، إذا حَجَّ حِجَّةَ الإسلامِ ثُمَّ ارتدَّ عَن دِينِ الإسلامِ بأنِ ارتكَبَ ناقِضًا مِن نَواقِضِ الإسلامِ بَطَلَ حَجُّهُ،
([1]) أخرجه: الطبراني في «الأوسط» رقم (5228).