×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَلِلرَّفَثِ اهْجُرْ وَالفُسُوقَ وَهَكَذَا *** الجِدَالُ وَأَقْلِلْ مِن كَلاَمِكَ تُحْمَدِ

*****

وبَطَلَتْ جَمِيعُ أعمالِه، كما قال تَعالَى: ﴿وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ [البقرة: 217] فعَلَى المَذهبِ: لَوْ تابَ مِن الرِّدَّةِ يُعيدُ الحَجَّ؛ لأنَّ حِجَّتَهُ الَّتِي قَبلَ الرِّدَّةِ بَطَلَتْ بالرِّدَّةِ، فَيُعِيدُ حجَّةَ الإسلامِ. هذا هو المذهب.

القول الثاني: إنَّهُ إِذا تابَ تابَ اللهُ عليهِ، ورجعَتْ إليهِ أعمالُهُ الصَّالِحَةُ الَّتِي بَطَلَتْ بِالرِّدَّةِ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ» ([1]) وفِي الآية ما يَدُلُّ عَلَى هذا؛ لأَنَّ اللهَ قال: ﴿فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَرتَّبَ بُطلان الأعمالِ عَلَى شيئينِ: الشَّيء الأَوَّلِ: الرِّدَّة. والشَّيء الثَّانِي: الموتُ عَليها مِن غَيرِ تَوبةٍ، أَمَّا إذا تابَ مِن قَبلِ أَنْ يَمُوتَ فإنَّها لا تَحبَطُ أَعمالُهُ. هذا ما تَدلُّ عليهِ الآيةُ.

وهذا القولُ الأخيرُ هو الصَّحِيحُ أنَّهُ إِذا تابَ تابَ اللهُ عليهِ، ولا يَلزَمُه إِعادَةُ الحَجِّ؛ لأنَّ حَجَّهُ صَحيحٌ؛ لأنَّ تَوبتَهُ صَحَّحتْ عَملَهُ، وَأَرجَعَتْ إليهِ ثوابَهُ، هذا هو الرَّاجِحُ إن شاءَ اللهُ.

هذا مأخوذٌ مِن الآيةِ الكريمةِ، وهي قولُهُ تَعالَى: ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ [البقرة: 197]، ﴿فَمَن فَرَضَ يَعْنِي: أَحْرَمَ، سُمِّيَ الإحرامُ فرضًا؛ لأنَّ مَن أَحرَمَ بالنُّسُكِ وَجَبَ عليهِ أَنْ يُتِمَّهُ فرضًا كانَ أو نفلاً؛ لقولِه


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1436).