×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَمِنْ زَمْزَمَ فَاشْرَبْ بِمَا شِئْتَ مُمْعِنًا *** وَسَمِّ وَسَلْ مَا تَبْتَغِي وَتَزَوَّدِ

*****

إليها عِبادةٌ، وتَكرارُ العُمرَةِ فِيه فَضلٌ، كما قالَ صلى الله عليه وسلم: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلاَّ الجَنَّةُ» ([1]) فتَكرارُ العُمرَةِ مُستحَبٌّ فِي سائِرِ السَّنَةِ، ولكنْ لا يُكَرَّرُ فِي وَقْتٍ مُتقارِبٍ، بل يُكَرَّرُ بعدَ كُلِّ فَترةٍ، إذا تكوَّن له شَعرٌ فِي رأسِهِ يَحلِقُه أوْ يُقصِّرُه فِي النُّسُكِ، أمَّا إِنَّهُ يُكَرِّرُ العُمرَةَ فِي يومٍ واحدٍ أوْ أَيَّامٍ مُتتالِيَةٍ؛ فهذا لا يَنبغِي.

مِنَ السُّنَنِ الشُّرْبُ من ماء زَمزمَ؛ بعد ما يَفرُغُ من الطَّوافِ ويُصلِّي الرَّكعتَينِ فإنه يشربُ من ماءِ زمزم كَما فَعلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ويتَضَلَّعُ مِنه، يعني يُكثِرُ من شُربِه؛ لأنه ماءٌ مبارَكٌ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَاءُ زَمْزَمَ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ» ([2])، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَاءُ زَمْزَمَ، لِمَا شُرِبَ لَهُ» ([3])؛ إن شرِبْتَهُ تبغي به الشِّفاءَ شفاك اللهُ، وإن شربتَهُ لأجْلِ الأجْرِ والثَّوابِ فإن فيهِ الأجْر والثَّواب، فشُربُه عبادَةٌ.

وقد شرِبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم منه وهو قَائمٌ، لما نَاولُوه دَلوًا فَشرِبَ منه، ولا يُشرب للعَطشِ فَقط أو للشَّهوَةِ، وإنَّما يُشربُ للعِبادَةِ تعبُّدًا للهِ عز وجل، ويَنوي بِشربِه العبادَةَ، حتى يُؤجَرَ عليهِ.

«بِمَا شِئْتَ» لعَلَّه: لما شِئْتَ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَاءُ زَمْزَمَ، لِمَا شُرِبَ لَهُ»؛ يعني لما شِئتَ شُربَه من أجْلهِ.


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1773).

([2] أخرجه: مسلم رقم (2473).

([3] أخرجه: ابن ماجه رقم (3062)، وأحمد رقم (14435)، والحاكم رقم (1739).