×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَنَادِ كَرِيمًا قَدْ دَعَا وَفْدَهُ إِلَى *** جَوَائِزِهِ فِي بَيْتِهِ فَادْعُ وَاجْهَدِ

وَقُلْ يَا إِلَهِي قَدْ أَتَيْنَاكَ نَرْتَجِي *** مَوَاعِيدَ صِدْقٍ مِنْ كَرِيمٍ مُعَوِّدِ

*****

يطوفُ للوداعِ؛ لعمومِ قولهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ».

وقوله: «وَقِفْ بَعْدُ بَيْنَ البَابِ وَالرُّكْنِ تَرْشَدِ»، هذا من المُستحبَّاتِ؛ أنه إذا فَرغَ من طوافِ الوداعِ يَقفُ بينَ الرُّكنِ والبابِ، وهو المُسمى بالمُلتَزَمِ، ويدعو اللهَ بما تَيسَّر له من الدُّعاء، فيسأله القَبولَ والمَغفرَةَ والسَّلامَةَ في السَّفرِ، وأن يَردَّه اللهُ إلى بَيتهِ مرَّةً ثانية، وأن لا يكون آخِرَ العَهدِ.

في المُلتَزمِ تَدعو وتُكثِرُ من الدُّعاء، وتقول:

اللَّهمَّ إنَّك دَعوتَني إلى زِيارَة بَيتكَ العَتيق ويَسَّرت لي ذلِكَ، والآن أريدُ السَّفرَ إن أذِنْتَ لي، فاغْفِرْ لي وارْحمنِي وتَقبَّلْ مِنِّي، ورُدَّني إليهِ ولا تَجعلْه آخِرَ العَهدِ به، وتدعو بما تَيسَّر لك من الدُّعاءِ.

«وَنَادِ كَرِيمًا قَدْ دَعَا وَفْدَهُ إِلَى جَوَائِزِهِ»؛ إشارةٌ إلى قوله تعالى: ﴿وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ [الحج: 27]، هذه دَعوَةٌ من رَبِّ العالَمينَ لِعبادَةِ الحَجِّ: ﴿يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ، إلى قوله تعالى: ﴿لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ [الحج: 28]، وهذه المنافِعُ جَوائز من اللهِ عز وجل كَثيرةٌ ولا يَعلمُها إلاَّ اللهُ، والنَّاسُ منهم مَن يَحصُلُ على خَيرٍ كَثيرٍ، ومنهم من يَحصُلُ على أقلَّ من ذَلكَ، ومنهم من لا يَحصُل على شَيءٍ.

هذا مضمونُ الدُّعاء الذي تقوله: دَعوتَنِي وأجْبتُكَ ووعَدتَني المَغفِرَةَ والقَبُولَ، هذا من بابِ التَّوسُّل إلى الله بالعَملِ الصَّالحِ وبِوعدِه الكَريم.


الشرح