وَلَيْسَ
لَنَا وَالحَمْدُ لِلهِ رَغْبَةٌ *** سِوَاكَ فَأَصْبَحْنَا بِمُغْنِي التَّزَوُّدِ
وَلاَ
تَجْعَلَنَّهُ آَخِرَ العَهْدِ بَيْنَنَا *** وَهَوِّنْ
عَلَيْنَا السَّيْرَ فِي كُلِّ فَدْفَدِ
وَسَلْ
كُلَّ مَا تَبْغِي مِنَ الدِّينِ وَالدُّنَا *** تَنَلْهُ مَتَى
تَدْعُو بِصِدْقٍ تَقْصِدِ
*****
تسأله أن يَصحَبك في
السَّفرِ، كما كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: «اللهُمَّ أَنْتَ
الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ» ([1])؛ يعني المَعيَّة من
اللهِ، معيَّةٌ خاصَّةٌ، «أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي
الأَْهْلِ»؛ فالله هو الذي يَخلُفُكَ في أهلِكَ إذا غِبتَ عنهم ويحفَظُهم، وهو
أيضًا معكَ في السَّفرِ، يحفَظُكَ ويُيسِّرُ لكَ ويُعينُكَ، فهو معك ومع أهْلِكَ.
تدعو الله أن لا
يَجعَلَ هذا آخِرَ العَهدِ بالبَيتِ العَتيقِ، وأن يُعيدَك إليهِ مرَّاتٍ
ومرَّاتٍ، وتسألُه أن يُيسِّرَ عليك السَّفرَ ويُسهِّلَ عليكَ السَّفرَ؛ لأن
السَّفرَ قِطعَةٌ من العذابِ كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ([2])، فيه مَشقَّةٌ وفيه
خَطرٌ، فتسأل الله أن يُسهِّله لك.
ادعُ اللهَ بكُلِّ ما تحتاجُه من أمورِ دِينِك ودُنياكَ، لا تَقتَصرْ على طَلبِ الدِّين فَقط، ولا على طَلبِ الدُّنيا فَقط، وإنما تَجمَع بَينهُما، قال تعالى: ﴿وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ﴾ [البقرة: 201]، فتدعو لدينِكَ وتدعو لِدُنياك؛ لأنَّك بحاجَةٍ إلى هَذا وهذا، خِلاف الذين كانُوا في الجاهِليَّة إذا حَجُّوا يسألونَ اللهَ لدُنياهُم فقط، ويقولون: ﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا﴾ [البقرة: 200]، فيسألونَ اللهَ للدُّنيا فقط قائلين: اجعلْهُ عَامَ خَصبٍ عام مطَرٍ وعَامَ كذا وعامَ كذا،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1342).