×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

 يُقاتل، قال جل وعلا: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ [البقرة: 193]، هذا الغَرضُ من الجِهادِ، أن يكون الدِّينُ كلُّه للهِ، وأن يسلم من يريد الدُّخولَ في الإسلامِ ممَّنْ يُؤذيهِ ويَصدُّه عن الدخول فيهِ.

الآن يشَوهونَ الإسلام ويَمدحونَ اليَهودِيَّةَ والنَّصرانِيَّةَ؛ لأنَّ الجِهاد عُطِّلَ، فلما عُطِّلَ الجهاد تَجرَّءوا على المُسلِمين، فلو أن الجِهادَ قَائمٌ لما تجرءوا على المُسلمينَ، ولكن الجهاد إنما يَجبُ على المُسلمِينَ إذا كان عندَهُم استطاعَةٌ واستعدادٌ لقتالِ العَدوِّ، حينئذٍ يجب عليهم الجِهادُ، أما إذا لم يكن عِندهم اسْتطاعَةٌ واستعدادٌ للجهادِ فإنَّهم يكتَفون بالدَّعوةِ إلى الله، والبَيانِ للنَّاس وينشرونَ الدَّعوَةَ.

وأما الجِهادُ فإنَّهم يَنتظرونَ إلى أن يَستطِيعوا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما بَعثَهُ الله في مكَةَّ بقي ثلاث عشرة سَنَة يدعو إلى اللهِ، ولم يُؤمر هو ولا أصحابُه بالجهادِ، بل أُمروا بكفِّ أيدِيهِم وأُمروا بالصَّبرِ والتَّحمُّل، فلمَّا هاجَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينَةِ وصار له أنصارٌ وأعوانٌ واستعدادٌ أمرَهُ الله بالجهاد والغَزوِ لإعلاءِ كلِمَةِ الله.

قال تعالى: ﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ [التوبة: 5]، اللهُ سبحانَهُ شَرَع الجهاد فقال: ﴿قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ١٤ وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 14، 15]، فالجهادُ قد يكون سببًا لتوبتهم.


الشرح