×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وقال صلى الله عليه وسلم: «عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِالسَّلاَسِلِ» ([1])؛ فالجهاد رحمَةٌ بالكُفَّار؛ لأنهم قد يَتوبونَ إلى الله ويدخُلونَ الجَنَّةَ، ولو تُركُوا على الكُفرِ لدخلوا النَّار، ففيهِ رَحمَة.

فالجهادُ رحمَةٌ وإنقاذٌ للبَشريَّةِ من الظُّلماتِ إلى النُّور، ومن النَّارِ إلى الجَنَّة، ومن الكُفرِ إلى الإيمان، فهو رحمَةٌ بينما يَتصوَّرُ بعضُ الجُهَّال أن الجِهادَ اعتداءٌ وأنَّه قَسوةٌ وأنه.. وأنه..، والجهاد رحمة وليس قسوة، ما انتشرَ الإسلامُ وانتشَرَ العِلمُ ودخل الناسُ في دين الله أفواجًا إلاَّ بِسبَبِ الجهادِ في سبيل اللهِ.

فلو أنَّ المُسلمين بَقُوا بدونِ جِهاد ما انْتشرَ الإسلام، ولتَسلَّط الكُفَّار، فالكُفَّار لا يكُفُّون عن الأذِيَّة: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ [البقرة: 217]، هذا دَيدَنُهم ﴿وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ [الممتحنة: 2].

﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ [البقرة: 120]، فهم لا يَكفُّون عن المُسلمينَ، ولا يَكفونَ عن سَبِّ الإسلامِ وتَشويهِهِ وهو دين اللهِ عز وجل، ودينُ جميعِ الرُّسلِ، فالجهادُ مَقصدٌ عظيمٌ، وليس الغرضُ منه الاستيلاءُ على الممالِكِ أو السُّلطَةِ على الناس أو أخْذ الأمْوالِ، وليس الغرضُ منه شهوة القتلِ وسَفكُ الدماءِ، وإنما الغرضُ منه إعلاءُ كلمَةِ الله؛ لتكون كلمةُ اللهِ هي العليا.

وهذا فيه رَحمَةٌ للبشرية؛ لأن اللهَ خلقَ الخلق لعِبادَتِه كما قال سبحانه وتعالى:


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (3010).