﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]،
فمن عَبدَ غَيرَ اللهِ فإنَّه يُدعى إلى عِبادَة اللهِ وتركِ الشِّرك وتُقام عليهِ
الحُجَّةُ؛ فإن أبى وأصَرَّ تَعيَّن جِهادُه وقِتالُه حتى تكون كلمَةُ الله هي
العليا، قال تعالى: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ
حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ فَإِنِ
ٱنتَهَوۡاْ﴾ [الأنفال: 39].
ليس الغرضُ من
الجهادِ التَّشفِّي أو أخذُ الأموالِ أو الاستيلاءُ على البلادِ أو التَّرفُّعُ
على النَّاس، لا، القصدُ من الجهاد مصلَحَةُ البَشرِيَّةِ، حتى الكُفَّار
المُقاتَلون الجِهادُ رَحمَة لَهم، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، للعالمين عُمومًا، فالجهادُ مَقصدٌ
شَريفٌ وواجبٌ عظيمٌ، وفيه مصالحٌ عظيمَةٌ، فيه عزٌّ للإسْلامِ والمُسلِمين
وإنقاذٌ للبَشرِيَّة من الهلاك، والمُسلِمون يتحمَّلُون من المشَقَّة أكثر ممَّا
يَتحمَّله الكُفَّار، يتحمَّلون النَّفقاتِ، يَتحمَّلون القَتلَ والجِراحاتِ،
يتحمَّلونَ البُعد عن أوطانهم، يقصِدونَ بذلكَ إنقاذ البشرِيَّة وخير البَشرِيَّة،
مات أكثرُهم وقُتلوا في غير أوطانهم، دُفنوا في المَشرِق والمغْرِب إعلاءً لكلمة
الله عز وجل، الله جل وعلا يقول: ﴿إِن تَكُونُواْ تَأۡلَمُونَ فَإِنَّهُمۡ يَأۡلَمُونَ كَمَا
تَأۡلَمُونَۖ وَتَرۡجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرۡجُونَۗ﴾ [النساء: 104].
المُسلمونَ يَتحمَّلون مَشاقَّ وأخْطارًا من أجْل
إعْلاء كلِمَة الله ومن أجل مصْلَحَة البَشريَّة وتخليصها من الطَّواغيتِ
والظَّلَمَةِ، والأوثانِ وشَياطينِ الإنْسِ والجِنِّ الذين استعبدوا البَشرَ، هذا
هو القصدُ من الجهاد في سبيلِ اللهِ، وليس هو وحْشِيَّة كما يقوله الجُهَّال، أو
يقوله