الأعداء، ليس هو
وحشِيَّة بل هو رحْمَة، وهو إنقاذٌ للنَّاس وتبصيرٌ للناس وإخراجٌ للنَّاس من
الظُّلماتِ إلى النُّور، ورَدُّهم إلى عبادَةِ اللهِ التي خُلقُوا من أجْلها
يسْعَدون بها في الدُّنيا والآخِرَة، هذا هو المَقصودُ من الجِهادِ.
والجهادُ مَشروعٌ
على الأنبياءِ مِن قَبلِنا، هذا مُوسى عليه السلام خرجَ غازيًا يُريد تَخليصَ
بَيتِ المَقدِس من العَمالِيقِ الكُفَّار، ولكنَّ قَومَه جُبناءٌ؛ لما قال لهم: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ
ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ
عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ ٢١ قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا
فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ﴾ [المائدة: 21- 22] ؛
لأنَّهُم جُبناءٌ، ولذا قالوا: ﴿وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ
مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ﴾ [المائدة: 22] هذا من الجبن، لا يَستَقْبِلونَكُم
بالوُرودِ وبالحَفاوَة، القِتالُ يَحتاجُ إلى جَلدٍ ويحتاج إلى صَبرٍ ويَحتاج إلى
تَحمُّلٍ، ولكن هُم جُبناءٌ لم يتحملوا، والشَّاهد من هذا أن اللهَ أمَرَ مُوسى
عليه السلام بالجِهادِ وتَخليصِ بَيت المَقدس من العَماليق الوثنيين.
كذلك من جاءَ بَعدَه
من الأَنبياءِ يُجاهدونَ في سَبيلِ اللهِ، هذا الملك الذي بعَثَهُ اللهُ لِبني
إِسرَائيل لمَّا طَلبُوا ذَلكَ مِن نَبيِّهم؛ كما قال تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى
ٱلۡمَلَإِ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰٓ إِذۡ قَالُواْ لِنَبِيّٖ لَّهُمُ ٱبۡعَثۡ لَنَا مَلِكٗا نُّقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ﴾ [البقرة: 246]،
فالله اختارَ لهم طَالُوت، وفي جُنودِ طَالُوت دَاود عليه السلام، إلى أن قال: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ
ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ﴾ [البقرة: 251] وجَالوت ملكُ
الكُفَّار: ﴿وَءَاتَىٰهُ
ٱللَّهُ