ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا يَشَآءُۗ﴾ [البقرة: 251]، أي
آتى اللهُ داودَ عليه السلام: ﴿وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ﴾ [البقرة: 251]، لولا أنَّ اللهَ شرَعَ الجِهادَ
لفَسدَتِ الأرْضُ بالشِّركِ والكُفرِ والمَعاصي، الجهادُ فيه إصلاحٌ وفيه خيرٌ
للبشَرِيَّة.
فهذا مُوسى عليه
السلام غَزا والرُّسُلُ من بَعدِه من بَني إسْرائِيل غَزَوا، وهذا سُليمانُ عليه
السلام ماذا قال لمَلكة سَبَأ: ﴿فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَآ أَذِلَّةٗ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ﴾ [النمل: 37]، فالجِهادُ شَريعةٌ من شرائعِ الأنْبياءِ
لَيس خَاصًّا بالإسلام كما يقول اليَهودُ والنَّصارى: أن هذا من جَبروتِ الإسْلامِ
وَتَعنُّتِ الإسْلامِ على البَشريَّة، بل هو موجُودٌ في الشَّرائعِ السَّابقَةِ
لإعلاء كلِمَة الله عز وجل.
وفي قَولِ بَني
إسْرائيلَ لِنبيِّهم: ﴿ٱبۡعَثۡ
لَنَا مَلِكٗا نُّقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ﴾ [البقرة: 246]
دليلٌ على أنَّ الجهادَ لا يكون إلاَّ تَحتَ رَايةِ ولي أمْرِ المُسلِمين.
والجهاد في سَبيلِ
اللهِ على نَوعَين: فرضُ كِفايَةٍ، وفرضُ عَين.
فرض العَينِ في
ثَلاثَةِ أحْوال:
إذا دَهَمَ البَلدَ
العَدوُّ فإنَّه يَجبُ على المسلِمينَ أن يَقاوِمُوهم تَخليصًا لبَلَدهم
ومَحارِمِهم، هذه حَالةٌ.
الحالةُ الثَّانِيَة: إذا حضرَ المَعرَكةَ بَينَ المُسلِمين والكُفَّارِ فإنَّهُ يَجبُ عَليهِ أن يُقاتِل ولا يَنهَزِم، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحۡفٗا فَلَا تُوَلُّوهُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ١٥ وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفٗا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٖ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ﴾ [الأنفال: 15- 16].