والخطرِ، وَأيضًا لا
تَتمكَّنُ أنْ تُؤدِّيَ الحجَّ عَلَى المطلوبِ بَلْ تُكثِرُ فِيهِ مِن
التَّرخُّصَاتِ.
وقَولُه: «حَجٍّ إِلَى
البيتِ العَتيقِ المُؤَكَّدِ» قال تَعالَى: ﴿وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ﴾ [الحج: 29]،
فسَمَّاهُ البيتَ العَتِيقَ، قِيلَ: لأَنَّه أعتقَهُ اللهُ مِنَ الجَبابِرَةِ،
ولمْ يَتمكَّنْ أَحدٌ مِن هَدْمِهِ وَإِزالتِه مُنذُ بَناهُ إِبراهيمُ، معَ
كَثرَةِ الجَبابِرَةِ والأعداءِ لِلإسلامِ فاللهُ أعتقهُ مِنهم، وَقِصَّةُ الفِيلِ
مَعروفةٌ سَجَّلها اللهُ في القرآنِ، ولا أَحَدَ يُريدُ هذا البيتَ إلاَّ أَذابَهُ
اللهُ كما يَذُوبُ المِلْحُ في الماءِ، واللهُ جل وعلا يقولُ: ﴿وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۢ
بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ﴾ [الحج: 25]، فاللهُ أعتقَهُ مِنَ الجبابرَةِ
والطُّغاةِ، وَخلَّصَهُ مِنهم، رَغْمَ عَداوَتِهِم للإِسلامِ والمُسلمِينَ، ولو
يَقدِرُونَ عَلَى إزالتِه لَأزالُوهُ، وخُصوصًا أنَّ المسلمينَ يَجتمِعُونَ
حَولَهُ مِن أقطارِ الأرضِ، تَظهَرُ قُوَّتُهم عَلَى وَجهِ الأرضِ، والكُفَّارُ لا
يُرِيدونَ هذا، فَهُم لو تَمكَّنُوا مِن إزالةِ هذا البيتِ لَأزالُوه، ولكنَّ الله
حَفِظهُ، ومَنعَهُ كما حَفِظَ القرآنَ؛ حَيثُ إِذْ قالَ: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ [الحجر: 9]،
والعَجيبُ أنَّ القرآنَ يَسُبُّ الكُفَّارَ، وَيلعَنُهُم، ويَمقُتُهم، ومَع هذا لا
يَستطِيعُونَ أَنْ يُغيِّرُوا مِنهُ وَلَو فِي حَرْفٍ وَاحدٍ؛ لأَنَّ اللهَ
حَفِظَهُ قالَ تَعالَى: ﴿إِنَّا
نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾، فهذا مِن عَجِيبِ
آياتِ اللهِ سبحانه وتعالى أَنْ حَفِظَ للمُسلمِينَ القُرآنَ، وحَفِظَ لَهُم هذا
البيتَ الَّذِي يَتوَجَّهُونَ إليهِ فِي كُلِّ صَلاةٍ، وَيجتَمِعُونَ حَولَهُ فِي
كُلِّ حَجٍّ وعُمرَةٍ، واليومَ لَمَّا جاءَتْ وَسائِلُ الإعلامِ والبَثِّ الفَضائِيِّ
صارُوا يُشاهِدُونَ