وَمَا
الحَجُّ إلاَّ القَصْدُ قَصْدٌ مُخَصَّصٌ *** عِبَادَةُ
إِذْعَانٍ وَمَحْضُ تَعَبُّدِ
*****
البيتَ، ويُشاهِدُونَ الحُجَّاجَ، وتَجَمُّعَ
المسلمينَ حَوْلَهُ، ولا يَستطِيعُونَ أنَّهُم يَمنَعُونَ المسلمينَ، أو
يُحْدِثُوا في الحرم ما يَمنَعُهم -والحمدُ للهِ- هذا مِن نِعمةِ اللهِ عز وجل،
ومِن نِعمَتِه أنَّهُ يُقيِّضُ لِهَذا الحرمِ مَن يَقُومُ عَليهِ، ويَخدُمُه فِي
كُلِّ زَمانٍ مِنَ الحُكَّامِ المُسلمينَ، يُهَيَّأُ له مِن المُلوكِ
والسَّلاطِينِ مَنْ يَتشَرَّفُ بِخِدمَتِه، ويَتشرَّفُ بِتَسهيلِ أُمورِ المسلمينَ
حوْلَهُ، هذا مِن آياتِ اللهِ سبحانه وتعالى، وما تَقومُ بِه حُكومَتُنا حَفِظها
اللهُ مِن خِدمَةِ البيتِ والمَسجدِ الحرامِ والحَجِّ شيءٌ لا يُنْكَرُ.
«وَمَا الحَجُّ
إلاَّ القَصْدُ» الحجُّ فِي اللُّغَةِ: قَصدُ الشَّيءِ. أَمَّا في الشَّرعِ فَهُو: قَصدُ
الكَعبةِ المُشرَّفةِ لأداءِ المَناسِكِ.
«عِبادَةُ إِذعانٍ» للهِ عز وجل
وانقيادٍ للهِ، وتَعَبُّدٍ للهِ، وليسَ مِن أَجْلِ الكَعبةِ، الكَعبةُ لا تُعبدُ،
وإنَّما المَعبودُ هو اللهُ، والكعبةُ مَكانٌ لِلعبادَةِ جَعلَها اللهُ مَكانًا
للعبادَةِ يُعبدُ اللهُ حَولَها، يُطافُ بها، ويُصلَّى حولَها، فالحجُّ عِبادَةٌ
للهِ، فهيَ مَكانٌ لِلعبادَةِ خَصَّصَهُ اللهُ ﴿وَإِذۡ جَعَلۡنَا ٱلۡبَيۡتَ مَثَابَةٗ لِّلنَّاسِ وَأَمۡنٗا وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِۧمَ مُصَلّٗىۖ وَعَهِدۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ أَن طَهِّرَا
بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلۡعَٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]، فهي
مَكانُ عِبادَةٍ، ولا تُعبدُ هي؛ لأَنَّها بِناءٌ وَأحجارٌ، وإنَّما جَعلَها اللهُ
مَشْعَرًا يُعبدُ اللهُ عِندَهُ، وبُقعَةٌ يُعبَدُ اللهُ فِيها، واللهُ يَختَصُّ
بِفَضلِه مَن يَشاءُ. يُفضِّلُ بَعضَ البِقاعِ عَلَى بَعضٍ، وبعضَ الأشخاصِ عَلَى
بعضٍ، وبعضَ الأزمانِ عَلَى بَعضٍ، ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ﴾ [القصص: 68]،
فاختارَ مِن البِقاعِ مَكَّةَ، كما اختارَ مِنَ الأشْهُرِ شَهرَ رَمضانَ، واختارَ
مِنَ البَشرِ الأنبياءَ، واختارَ سبحانه وتعالى مِن الأعمالِ