تَحِنُّ
القُلُوبُ المُستَجَابُ لَها الدُّعَا *** إِلَى الصَّادِقِ البَرِّ
الخَلِيلِ المُمَجَّدِ
*****
أَفْضلَها؛ فهُوَ يَختارُ سبحانه وتعالى، فهو
الَّذِي اختارَ هذا البيتَ، وبَوَّأَهُ لإبراهيمَ فَبناهُ، وقال له: أَذِّنْ فِي
النَّاسِ بالحَجِّ. فليستِ الكعبةُ هِيَ الَّتِي تُعبَدُ، وإنَّما الَّذِي يُعبدُ
هو اللهُ جل وعلا حَوْلَ الكَعبةِ، فهيَ مكانُ عبادةٍ ومَنْسَكٌ جَعلَهُ اللهُ
للمُسلمِينَ يَتوجَّهُونَ إليهِ فِي صَلاتِهِم فِي أَيِّ مَكانٍ، ﴿وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ
فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ﴾ [البقرة: 150]،
فَيحُجُّونَ إليهِ كُلَّ سَنةٍ، وَيَعتَمِرُونَ إليهِ فِي أيِّ وَقتٍ،
وَيَتوجَّهُونَ إليهِ فِي كُلِّ صَلاةٍ أَينَما كانُوا تَعبُّدًا للهِ سبحانه
وتعالى، فَيغفرُ اللهُ ذُنوبَهُم، ويُكفِّرُ سَيِّئَاتِهِم، ويُضاعِفُ لَهُم
الثَّوابَ والأجْرَ. فِي الحَجِّ مَصالِحُ لِلمُسلمِينَ، وفِيه إنفاقٌ فِي سبيل
الله، وفِيه تَروِيضٌ للنَّفسِ عَلَى القُوَّةِ والجهادِ والجَلَدِ، فِيه مصالِحُ
عظيمةٌ، وفِيه تَعارُفٌ للمسلمينَ، وَتآلفُ المسلمينَ، وفِيه مَنافِعُ، كما قالَ
جل وعلا: ﴿وَأَذِّن
فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ ٢٧ لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ
أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ
فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ﴾ [الحج: 27- 28]،
مَنافِعَ لا تُحصَى، لا يَعلَمُها إلاَّ اللهُ، مِن النَّاس مَن يَحصُلُ عَلَى
مَنافِعَ كَثِيرَةٍ، وَمِنهم مَن يَحصُلُ عَلَى مَنافِعَ دُونَ ذلِكَ، وَمِنهُم
مَن لا يَحصُلُ عَلَى شيءٍ.
فَحجُّ البَيتِ
إِجابَةٌ لِدَعوةِ الخليلِ لمَّا أَذَّنَ بأمرِ الله عز وجل: ﴿وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ
بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ﴾ فمَن حَجَّ أوِ
اعتمَرَ فإِنَّهُ مُجِيبٌ لِنداءِ الخليلِ، إِلَى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ،
لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، إجابةً لِدعوَتِكَ عَلَى لِسانِ خليلِكَ إبراهيمَ
عليه الصلاة والسلام.