لأَِنَّ
بِهِ تَحْصِين مِلَّةِ أَحْمَدِ *** وَفَضْلُ عُمُومِ النَّفْعِ فَوْقَ المُقَيَّدِ
فَلِلَّهِ
مَنْ قَدْ بَاعَ لِلَّهِ نَفْسَهُ *** وَجُودُ الفَتَى بِالنَّفْسِ أَقْصَى التَّجَوُّدِ
وَمَنْ
يَغْدُ إِنْ يَغْنَمْ فَأَجْرٌ وَمَغْنَمٌ *** وَإِنْ يُرْدَ
يَظْفَرْ بِالنَّعِيمِ المُخَلَّدِ
*****
هذا هو وجْهُ كَونِه
أفْضَل الطَّاعاتِ؛ لأنَّ به تَحصين ملَّةِ أَحمَدَ من الكُفرِ والشِّركِ
والضَّلالِ، ففيه حِمايةُ الدِّين.
لهاتين
الفَضيلَتينِ: أوَّلاً أنَّه فيه حِمايَةٌ للدِّينِ، والثَّانيَةُ أنَّ نَفعَهُ
يَتعدَّى إلى غَيرِ المُجاهِدِ منَ المُسلِمين.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ
مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ
يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ
حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ
بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ﴾ [التوبة: 111]، هذهِ الآيَةُ تَدُلُّ عَلَى فَضلِ
الجِهادِ، وَفِي الآيَةِ بَيعٌ، فالبائعُ هُو المُسلِمُ، والمُشتَرِي هوَ اللهُ،
والمَبيعُ هو النَّفسُ والمالُ، والثَّمنُ هو الجَنَّةُ، والسِّمسارُ هُو
الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم، والوثيقَةُ التي كُتب فيها هذا العَقدُ التَّوراةُ
والإنجيلُ والقُرآنُ.
وَقولُه: «وَجُودُ
الفَتَى بِالنَّفْسِ أَقْصَى التَّجَوُّدِ»؛ فيه مَعنَى قَولِ الشاعر:
يَجُودُ بِالنَّفْسِ
إِنْ ضَنَّ الجَبَانُ بِهَا *** وَالجُودُ بِالنَّفْسِ أَقْصَى غَايَةِ الجُودِ
الذي يغزو في سَبيلِ
اللهِ لا بُدَّ له منَ الخَيرِ، فإما أنْ يَرجِعَ بأجْرٍ وغَنيمَةٍ، وإما أن
يُقتَلَ في سَبيلِ اللهِ فَيظفَرُ بالشَّهادَةِ والحَياةِ المُؤبَّدَةِ،
فالمُجاهِد في سَبيلِ اللهِ غَانمٌ على كلِّ حالٍ، إن بَقِي وإن قُتل،