×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

لِفَضْلِ الذِي أُعْطُوا وَنَالُوا مِنَ الرِّضَا *** يَفُوقُ الأَمَانِي فِي النَّعِيمِ المُسَرْمَدِ

كَفَى أَنَّهُمْ أَحْيَا لَدَى اللهِ رُوحُهُمْ *** تَرُوحُ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ وَتَغْتَدِي

وَغَدْوَةُ غَازٍ أَوْ رَوَاحُ مُجَاهِدٍ *** فَخَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا بِقَوْلِ مُحَمَّدِ

يُكَفِّرُ عَنْ مُسْتَشْهَدِ البِرِّ مَا عَدَا *** حُقُوقِ الوَرَى وَالكُلُّ فِي البَحْرِ فَاجْهَدِ

*****

يتمنَّونَ الرُّجوعَ للفَضلِ الذي أعْطُوه والجَزاءِ الذي نالُوهُ من النعيم السَّرمَدِيِّ الذي لا يَنتَهي ولا ينقَطِع، فليس له نِهايَةٌ.

كفى أنهم أحْياءُ عِندَ ربِّهم كما في الآيَةِ، وأن أرواحَهم في أجْوافِ طَيرٍ خُضرٍ أجْسامُهُم قد تَبلَى وقد تَتمَزَّق وتَفنَى، ولكن أروَاحَهُم تَبقَى، وتكون في أجوافِ طَيرٍ خُضرٍ، تَسرَحُ في أنْهارِ الجَنَّة تَأكُل من ثِمارِها، وتأوي إلى قنَادِيل مُعلَّقَة تَحتَ العَرش.

جاء في الحَديثِ الصَّحيحِ عن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: «لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ([1])؛ والغدوَةُ: الذَّهابُ في الصَّباحِ للجِهادِ، والرَّوحَةُ: الذَّهابُ في المَساء؛ له خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، الغدوَةُ فقط أو الرَّوحَةُ فقَط خيرٌ من الدُّنيا وما فيها من كُلِّ المَلاذِّ والشَّهواتِ والأموال والأولاد.

ومن فضَائِلِ الاسْتشهادِ في سَبيلِ اللهِ أنَّ الشَّهيدَ يُكفَّر عَنهُ جميعُ الذُّنوبِ عند أوَّلِ قَطرَةٍ من دَمِه، إلاَّ حقوقَ الآدَميينَ؛ فإنَّها لا تُغفر إلاَّ بِمسامَحتِهم عنْها ([2])، هذا ممَّا يدُلُّ على أنَّ الإنسانَ المُسلمَ لا يَتساهَل في حُقوقِ النَّاس التي عليه من الدُّيونِ أو التي عنده من


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (2639)، ومسلم رقم (1880).

([2] أخرجه: مسلم رقم (1886).