وَقَدْ
سُئِلَ المُخْتَارُ عَنْ حَرِّ قَتْلِهِمْ *** فَقَالَ يَرَاهُ
مِثْلَ قَرْصَةِ مُفْرَدِ
كُلُومُ
غُزَاةِ اللهِ أَلْوَانُ نَزْفِهَا *** دَمٌ وَكَمِسْكٍ عَرْفُهَا
فَاحَ فِي غَدِ
*****
الوَدائعِ والأمانات، بل عليه أن يَحفظَها
ويؤدِّيَها، وأن يَقضِيَ الدُّيونَ التي عليه.
إذا كان الشَّهيدُ
لا يُغفر له الدَّينُ فكيف بغيره، والنَّاسُ يَتساهَلون في حُقوقِ النَّاس،
يأخذونَ أموالَ النَّاس ويَتساهَلون في تَسديدِها، فَمنهُم مَن يُماطِلُ في
تَسدِيدها، ومنهُم من يَجحَدُها وينكِرُها، هذا لو قُتلَ في سَبيلِ اللهِ فإنَّه
لا يسقط عنه حقُّ المَخلوقِ، لا بُدَّ من رَدِّ المَظالم إلى أصْحابِها.
ما يجِدُه الشَّهيدُ
من ألَمِ القَتلِ مِثلُ لَسعَة القَارصِ، يعني لا مشَقَّةَ فيه، بل إنه مثل
اللَّسعَة أو القَرصَة الخَفيفة ([1])، ثم يُنعَّم بعد
ذلك.
كذلك من فضائلِ الشَّهادَةِ في سَبيلِ اللهِ أنَّ الشَّهيدَ يأتي يومَ القيامَةِ يَثعُبُ جُرحُه دَمًا كحالهِ يَومَ جُرِحَ في الدُّنيا، يثعُبُ دمًا لَونُه لونُ الدَّمِ وَريحُه ريحُ المِسك ([2])؛ لأنه أثَرٌ ناشِئٌ عن عِبادَةِ اللهِ سبحانه وتعالى، وكلُّ أثَرٍ يَنشأ عَن عِبادَةِ اللهِ فإنَّه يكونُ مَحبوبًا إلى الله، مثل خُلُوف فَمِ الصَّائِم أطْيبُ عندَ اللهِ من رِيحِ المِسكِ؛ لأنَّه أثرٌ ناشئٌ عن الصِّيامِ، ومثل الغُبارِ في سَبيلِ اللهِ، ولا يَجتمِعُ الغُبار في سَبيلِ اللهِ في أنْفِ المُجاهِد ودُخانُ نارِ جَهنَّم يوم القيامة.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1668)، والنسائي رقم (3161)، وابن ماجه رقم (2802).