×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِي مِنْخَرِ المَرْءِ يَا فَتَى *** غُبَارُ جِهَادٍ مَعَ دُخَانِ لَظَى الصَّدِي

كَمَنْ صَامَ لَمْ يُفْطِرْ وَقَامَ فَلَمْ يَنَمْ *** جِهَادُ الفَتَى فِي الفَضْلِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ

فَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الضَّجِيعِ بِفُرُشِهِ *** وَسَاهِرِ طَرْفَ لَيْلِهِ فَوْقَ أَجْرَدِ

يُدَافِعُ عَنْ أَهْلِ الهُدَى وَحَرِيمِهِمْ *** وَأَمْوَالِهِمْ بِالنَّفْسِ وَالمَالِ وَاليَدِ

*****

من فَضائِلِ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ أنَّ المُجاهِدَ إذا أُغْبِرَ في الجهادِ ودَخلَ الغُبارُ في أنْفِه، فالأنفُ الذي دخلَهُ غُبارٌ في سبيلِ اللهِ لا يدخُلُه دُخانُ نارِ جَهنَّم ([1]).

كذلك من فضائلِ الجِهادِ أن المُجاهِدَ إذا خَرجَ غازيًا في سَبيلِ اللهِ، فإنَّه يكونُ مثلَ الصَّائِم الذي لا يُفطِرُ والقَّائم الذي لا يَفتُرُ من حينِ خُروجِه إلى أن يرجِعَ، وله أجْرُ القائِمِ الذي لا ينَامُ، والصَّائِم الذي لا يُفطِر، كلُّ هذا وَردَ في الأدِلَّة من الأحاديث الصحيحة ([2]).

شتَّانَ بَين النَّائمِ عَلى فِراشِه وفي بَيتِه وعِند أهْلِه، وبين الذي يَسهَرُ في سَبيلِ اللهِ علَى فَرَسِه الأجْرد، يحرُسُ جَيشَ المُسلِمينَ ويُراقب العدو، وجاء في الحديث: «عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله» ([3]).

هذا إذا كان غَرضُهُ الدِّفاعَ عَن دِين اللهِ عز وجل وإعلاء كلِمَةِ اللهِ، والدِّفاع عن حُرُماتِ المُسلِمين والنِّكايَة بالعَدوِّ، أما إذا كان قَصدُه شيئًا آخر فاللهُ أعلَمُ بالمقاصِدِ والنِّيَّاتِ.


الشرح

([1] أخرجه: الترمذي رقم (1633)، والنسائي رقم (3107)، وابن ماجه رقم (2774).

([2] أخرجه: البخاري رقم (3785).

([3] أخرجه: الترمذي رقم (1639)، وأبو يعلى رقم (4346)، والحاكم رقم (2430).