وَمَنْ
قَاتَلَ الأَعْدَاءَ لِإِعْلاَءِ دِينِنَا *** فَذَا فِي
سَبِيلِ اللهِ لاَ غَيْرَ قَيِّدِ
وَيَفْضُلُ
غَزْوُ البَحْرِ غَزْوَ مَفَاوِزَ *** وَمَعَ فَاجِرٍ يَحْتَاطُ فَاغْزُ كَأَرْشَدِ
*****
قال صلى الله عليه
وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا
نَوَى» ([1]).
هذه الفَضائِلُ التي
ذَكرَها لِمنْ تَحصُلُ؟ هل تَحصُلُ لكلِّ من قَاتَل؟ لا، إنَّما تَحصُل لواحدٍ
فقط؛ وهو الذي قاتَلَ لإعْلاءِ كلِمَةِ اللهِ، أما الذي يُقاتل رياءً، أو يُقاتل
للمَغنَم، أو يُقاتل لغَرضٍ آخر؛ فهذا ليس في سَبيلِ اللهِ، وإنَّما هو في سبيل ما
يُريد من خصال الدنيا ومَتاعِها.
غزو البَحرِ أفضَلُ
من غَزو البَرِّ؛ لما في غزوِ البَحرِ من الخَطرِ بِسبَبِ رُكوبِ البَحر غازيًا في
سَبيلِ الله، يكونُ أجْره أكْثر من أجْر الذي يَغزو في البَرِّ؛ لأنَّ البَرَّ
أقلُّ خطرًا، إذًا فالجهاد يتفاضَلُ، وليس على حدٍّ سواء.
والجهاد لا بد أن
يكون مع إمامِ المُسلمِينَ؛ لأنه من صَلاحِيَّاتِ الإمامِ؛ سواءً كان برًّا
تقيًّا، أو كان فاجرًا، يعني فَاسِقًا لا يصِلُ إلى حَدِّ الكُفر، فالجهاد ماضٍ مع
إمام المُسلمينَ برًّا كان أو فاجرًا، فلا يُقال: ما نغزو إلاَّ مع إمامٍ تَقيٍّ،
بل يُغزى مع ولاةِ الأمورِ ولو كانوا غير أتقياء، ما داموا أنهم مسْلِمون ولو كان
عندَهم قُصورٌ في دِينهم.
ولو كان الإمام فاسقًا وفاجرًا ما لم يصل إلى حدِّ الكُفر، فولايته باقِيَةٌ وطاعتُه واجِبةٌ، ما لم يأمر بمَعصِيَة الله عز وجل، والجهاد معه واجب؛ فهذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، وهو أن يُعرف أن الجِهادَ لا بُدَّ أن يكون تَحت رايَةٍ مُسلِمةٍ، وتحت إمرةِ أمير، إمَّا الإمام بنَفسِه، وإمَّا مَن يوكله الإمامُ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1).