×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَلاَ بَيْنَ أَدْنَى مَالِهِ وَكَثِيرِهِ *** وَمَنْ دَفَعَ المُضْطَرَّ عَنْهُ فَمُعْتَدِي

وَأَوْجِبْ فِي الأَقْوَى الدَّفْعَ عَنْ مَالِهِ الذِي *** لَهُ اضْطُرَّ مِثْلَ الأَكْلِ مِنْهُ بِأَجْوَدِ

وَيَلْزَمُ مَنْ يَقْوَى عَلَى دَفْعِ صَائِلٍ *** عَلَى غَيْرِهِ دَفْعٌ لأَِمْنٍ مِنَ الرَّدِي

*****

لا فرق في الدِّفاعِ عن المالِ؛ سواءً كان المالُ كثيرًا أو قليلاً، فأنت تدافعُ عن مالِك ولو كان قليلاً، ومن بابِ أولى إذا كان المالُ كثيرًا وفيه مطْمَعٌ، والحديث لم يُفصِّل بين القليل والكثير.

وقوله: «وَمَنْ دَفَعَ المُضْطَرَّ عَنْهُ فَمُعْتَدِي»؛ إذا اضطُرَّ شَخصٌ إلى طَعامِك، الذي أنت لا تَحتاجُ إليه فيَجبُ بَذلُه، فإن امتنَعْتَ فللمُضطَّرِّ أن يُدافعَك؛ لأن هذا من حَقِّه؛ لأن الله أبَاحَه له فقال تعالى: ﴿إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ [الأنعام: 119]، فلو أن المُضطرَّ تدافَعَ مع صاحِب المال ولم يُمكِنه من أن يأخُذَ قَدرَ ضَرورَتِه فصاحبُ المالِ ظالِمٌ، والمُضطرُّ مظلومٌ، له أن يُدافع صاحِبَ المالِ كما سبق؛ لأنه يُدافِع عن حَياتِه.

     كما يُباح للمُضطرِّ أن يأكلَ من مالِ غيرِه دفعًا للضَّررِ؛ لأن الله أباحَ له المَيتَةَ، فكذلك مالُكَ إذا اضطررتَ إليه يَجبُ عَليكَ أن تدَافِعَ عنه لِتدفَعَ به ضَرورَتك؛ هذا الذي يظهَرُ لي من كلامِه.

كما يُدافع الإنسانُ عن نفسِه وعن مالِه وعن حُرمَته، يجب عليه أن يُدافِعَ عن دَمِ أخيهِ المُسلم، وعن حرمةِ أخيهِ المُسلِمِ، وعن مال أخيه المُسلِمِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» ([1])، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المُسْلِمِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، كَمَثَلِ


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (2446)، مسلم رقم (2585).