×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَمَنْ رَبَطَ العَجْمَاءَ فِي ضَيِّقٍ مِنَ الدُّرُ *** وبِ لِيَضْمَنَ مَا جَنَتْ لاَ تُقَيِّدِ

وَقَوْلاَنِ بِالإِطْلاَقِ إِنْ كَانَ وَاسِعًا *** كَذَا فِي اقْتِنَا كَلْبٍ عَقُورٍ بِأَجْوَدِ

*****

لو ربَطَ البَهيمَة في الطَّريقِ، وعثُرَ بها إنسانٌ ظن أو رَفست إنْسانًا بِرجلِها، أو سَدَّت الطَّريقَ، أو صدمتها سيَّارَةٌ وانقلبَتِ السَّيَّارَةُ، فصاحبها ضامِنٌ لما تَرتَّب عليها؛ لأنَّه رَبطها في طَريقٍ ضَيِّقٍ، أما إن كان رَبطَها في طَريقٍ واسع، وبإمكان المارَّة أن يمروا فإنه غير معتدٍ.

ومثل هذا الآن الذي يأتي بالإبِلِ ويترُكها في طَريقِ السَّيَّارات في البَرارِي، ويحصل على أصحاب السيارات منها حوادثُ، هذا إذا كان حاضرًا معها فإنه يَضمَنُ، أما إذا ذهبت وليس هو عندها ولا يدري عنها، فيكونُ المَسئولُ هو صاحِبُ السَّيَّارَةِ الذي لم يأخُذْ حِذرَه ويَنظُرْ في الطَّريق، وإنما يضمن صاحِبُ الدَّوابِّ إذا كانت يَدُه عليها، يعني: هو حاضِرٌ عندها يرعاها أو هو بَائتٌ عندها وتركها، هذا يَضمنُ، أما إذا لم يَكنْ عِندَها ولا يدري عنها فليس عليه ضَمانٌ، ولكن الدَّابَّةَ لا يضمنها صاحبُ السَّيَّارَةِ.

قولان في إطْلاقِ الدَّابَّةِ إذا كان الطَّريقُ واسِعًا، والنَّاسُ يمرُّون، القول الأَوَّل: لا ضَمانَ علَيهِ؛ لأنَّهُ لم يعتدِ، ولم يُضيِّقِ الطَّريقَ بذلك.

القولُ الثَّاني: عليهِ الضَّمانُ؛ لأنه ليس له أن يَربِطَها في الطريق.

وقوله: «كَذَا فِي اقْتِنَا كَلْبٍٍ عَقُورٍ بِأَجْوَدِ»؛ وكذلك ممَّا يُهدرُ الكَلبُ العَقورُ، إذا قَتلَهُ أحَدٌ فإنه لا ضَمانَ فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» ([1])، وذكر منها الكَلبَ العَقورَ.


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (3314)، ومسلم رقم (1198).