×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

كَذَا الحُكْمُ فِي هِرٍّ يَصِيدُ الطُّيُورَ لاَ *** إِذَا بَالَ فِي شَيءٍ وَوَلَغَ الذِي ابْتَدِي

وَإِنْ يُوقِدُ الإِنْسَانُ نَارًا بِمِلْكِهِ *** وَيُجْرِي عَلَيْهِ مَاءَهُ غَيْرَ مُعْتَدِ

*****

الأصلُ تحريمُ قتلِ الكِلابِ والحيواناتِ والدَّوابِّ إلاَّ المُؤذي منها، فإنه يُقتَلُ، فالكَلبُ العقورُ والهِرُّ الذي يؤذي أصحابَ البُيوتِ؛ كأن يُكفِئ القِدرَ ويُخرِب ما ظَفرَ به في البُيوتِ ويأكُلُ اللَّحمَ، هذا يُقتلُ دفعًا لِشرِّه وآذاه، أما إذا كان ما مِنه أذَى فلا يجوزُ قَتلُه؛ لأنه له حُرمَةٌ، ولا يُقتلُ الكَلبُ والهِرُّ إذا بال أحدُهما في مكانٍ، أو وَلَغَ من ماء إنسان؛ لأن هذا من طبيعَةِ الحَيوانِ.

للإنسانِ أنه يَعمَلُ في مِلكِه ما يحتاج إليهِ، فيُوقِد النَّار في مِلكِه، ويُجري الماءَ في ملكه، ويغرسُ الشَّجرَ في ملكه، ولا يمنعه جارُه من ذلك، إلاَّ إذا حصَل على جَارِه ضَررٌ بأن تعدى ضرَرُه إلى جَارِه، كأن تكون النَّار بها خَطرٌ، ويمكِنُ أن يَحصلَ حَريقٌ من جَرَّائها، أو لها دُخانٌ يَخنقُ الجِيرانَ؛ أو الأشجارُ امتَدَّتْ أغْصانُها إلى جارِه وآذَتْه، أو جعل في مِلكِه شيئًا له صوتٌ يُزعج النَّاس مثل المصانِع أو الأشياءِ التي لها أصواتٌ مزعجَة، أو روائح كريهَة تؤذي الجيرانَ فلهم أن يمنعوه من ذلك.

وقوله: «وَيَضْمَنُ مَا أَرْدَى بِحَظْرِ مُجَدَّدِ»؛ وإذا ترتب على إنشائهِ في مِلكِه شيئًا يُتلِف شيئًا عند الجِيرانِ، فإنه يَضمَنُ لأنَّه معتد.


الشرح