×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمُ تَاوٍ لِجَارِهِ *** بِهِ مَعَ سِوَى تَفْرِيطِهِ وَالتَّزَيُّدِ

وَيُمْنَعُ مَنْ أَنْشَا مُضِرٍّ بِجَارِهِ *** وَيَضْمَنُ مَا أَرْدَى بِحَظْرِ مُجَدَّدِ

وَلاَ غُرْمَ فِي مُلْقَى مَمَرٍّ بِمُوحِلٍ *** وَأَشْبَاهِهِ مِنْ نَاقِعٍ غَيْرَ مُفْسِدِ

وَيَضْمَنُ مُنْشِي مَا يَضُرُّ بِمَسْلَكٍ *** وَمِنْ قِشْرِ بِطِّيخٍ وَمَاءٍ مُبَدَّدِ

*****

لعله يقصد إذا تسَرَّبَ من بَيتهِ ماءٌ، وحصل منه وَحلٌ أو مُستنقَعٌ يسير، وحصل بسبب ذلك تَلفُ شَيءٍ من المَارَّة فإنه لا يضْمنه؛ لأن هذا مما جَرتْ به العادةُ ولا يمكن التَّحرُّزُ منه.

إذا أرْسَلَ الماءَ في الشَّارِعِ وزَلَقَ إنسانٌ، أو صار فيه طِينٌ وزلقَ إنسانٌ فَتضرَّرَ، فإنه يضمَنُ صَاحبُ الماءِ؛ لأن هذا ناشئٌ عن فِعلِه وعدوانِه، كذلك لو ألْقَى قِشرَ بِطيخ أو مَوزٍ في الطَّريق؛ خُصوصًا الآن والطرق مُزفلَتَة أو مُبلَّطَة، وأتى إنسانٌ وزلَقَ بهذا القِشرِ وانْكسر أو أُصيب فإنه يَضمَن؛ لأنه ليس له أن يُلقِيَ في طرقاتِ النَّاس ما يؤذيهم.

قال صلى الله عليه وسلم: «الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلاَهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إلاَّ الله، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِْيمَانِ» ([1])، فكون الإنسانُ يُزيلُ الأذَى عنِ الطَّريقِ هذا مِن خِصالِ الإِيمانِ، أما أنَّه هو يُلقي الأذَى في الطَّريق فَهذا من خِصال الكُفر، فعلى المُسلِم أنه يَتجنَّب ما يؤذي المُسلِمين في شوارعهم وطُرقاتهم، وهذا شيءٌ تساهَل فيهِ كَثير من الناس اليوم، يُلقون الحِجارَة والأسْمنْت ويحفرون الحُفَر ويُرسلون المياه، وربما تكُون مِياهُها نجسة قذرَة، ولا يُبالون بِحرماتِ المُسلمين ولا بأذِيَّة المسلمين، وهذا يُخالِفُ كَمالَ الإيمان.


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (35).