×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ الرِّبَا فَلَدِرْهَمٌ *** أَشَدُّ عِقَابًا مِنْ زِنَاكَ بِنُهَّدِ

وَتُمْحَقُ أَمْوَالُ الرِّبَا وَإِنْ نَمَتْ *** وَيَرْبُو قَلِيلُ الحِلِّ فِي صِدْقِ مَوْعِدِ

*****

 الزَّمان يَستحلُّون الرِّبا باسم البيع. وجاء النَّهي عن بَيعِ العِينةِ لأنه ربا، وتَسمِيتُه بَيعًا إنما هو تَغييرٌ للاسْمِ وحيلةٌ على الرِّبا.

هذا تحذيرٌ شَديدٌ، يعني احذَرْهُ، فالدِّرهَمُ الواحِدُ من الرِّبا أشَدُّ من الزِّنَا، على قُبحِ الزِّنا وشَناعَةِ الزِّنا، فكيف إذا أخَذَ أَموالاً كَثيرةً ربوِيَّةً؟.

الله جل وعلا يقول: ﴿يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ [البقرة: 276]. والمَحقُ: معناه إزالَةُ البَركَةِ أو إزالَةُ المالِ، فقد يتلَفُ المالُ ويُصابُ صاحبُهُ بِنكباتٍ تُتلِف المالَ. وما أكثر اليَوم النَّكباتِ والنَّكساتِ في التِّجارَةِ والأموالِ بِسبَبِ الرِّبا، يُسلط الله على الأموال ما يُتلفها، ويُسلط على الثِّمار ما يُتلفها. وهذا شيءٌ مشاهَدٌ الآن بِكثْرَةٍ في الكوارِثِ التي تَتلَف فيها الأمْوالُ، ويصبِحُ الثَّرِيُّ الغَنيُّ فَقيرًا في لحظَةٍ واحدَةٍ؛ عقوبةً من اللهِ سبحانه وتعالى.

وإنْ بقِيَ مَالُه ولم يَتلَفْ فإنَّه لا يَستفيدُ منه، يَمحقُ اللهُ بَركتَه، فلا يَستفيدُ منهُ ولا يَتصدَّقُ منه ولا يُزَكي؛ لأنه يُحرَمُ من الخيرِ بِسببِ الرِّبا، وإنْ تَصدَّق منه لَم يُقبلْ لأنَّه حرامٌ، والله طيبٌ لا يَقبلُ إلاَّ طَيِّبًا.

فالمالُ الكثيرُ من الرِّبا لا خَير فيهِ، وأما المالُ القليلُ من الحلالِ فإنَّه مُبارَكٌ وفيه خيرٌ كثيرٌ، ولو كان قليلاً فإنَّ الله يُنزل فيه البَركَةَ والنَّفعَ العَظيم لِصاحِبه، فتجدونَ المُرابي لا يَستَفيدُ في حَياتِه من مالِه، وإنما هَمُّه جَمعُ المالِ ولا يَستفِيدُ، تجد قلبَهُ من أفْقرِ القُلوبِ، وتجدُه مُبغَضًا


الشرح