×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَإِنْ تَقْتَرِضْ أَحْسِنْ وَفَاءً لِمُقْرِضِ *** فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُ مَرْدَدِ

*****

هذا حثٌّ للمُقترضِ أن يَردَّ القَرضَ، وأن يُحسن القضاءَ بأن يَزيدَ ويُعطي المُقرِضَ زيادَةً تبرعًا منه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اقتَرَض بَكرًا ورَدَّ بَدله خيارًا رِباعيًّا، وقال: «خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» ([1]).

وجاءه رجلٌ من اليهودِ يُطالِبه بِدينٍ فَلم يجدْ عندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم شيئًا، فتكلم على الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، وهمَّ الصحابة به، فقال: «دَعُوهُ؛ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالاً»، ثُمَّ قَالَ: «أَعْطُوهُ»؛ يعني اقضوا دينه من الإِبِلِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، مَا وَجَدْنَا إلاَّ سِنًّا خَيْرًا مِنْ سِنِّهِ، قال: «أَعْطُوهُ إِيَّاهُ؛ فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» ([2])، فيجب على المُقتَرضِ أن يَردَّ القَرضَ؛ لأن بعض النَّاس يَتساهَلُ في القرض ويتبَاطَأ ويُماطِل وهذا لا يَجوز، قال تعالى: ﴿هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ [الرحمن: 60]، فبادِر بِردِّ القضاءِ، هذا واجبٌ عليك، وكَونُك تزيدُ هذا أحْسَنُ وأفضَلُ، وإن رددْتَ القَرضَ من غير زِيادَةٍ فهذا هو الواجب، والزِّيادَةُ مستَحبَّة، هذا ما لم تكن الزِّيادَةُ مُشتَرطَةٌ من المقرض، أما إذا شَرط المُقرضُ زيادَةً فهذا رِبا، قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا» ([3])، فإذا كانت الزِّيادَةُ مشترَطَةً فهذا ربا، أما إذا لم تُشْترط وإنَّما بذَلها المقترِضُ تبرعًا منه فهذا من حُسنِ القَضاء، حَثَّ عليه وفَعلَه.


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (2306)، ومسلم رقم (1601).

([2] أخرجه: البخاري رقم (2606).

([3] أخرجه: الحارث في «مسنده» رقم (437).