×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَيُكْرَهُ الاسْتِقْرَاضُ لِلسَّيِّءِ الوَفَـا *** وَلِلسَّهْلِ لاَ بَأْسَ وَبِالشَّارِعِ اقْتَدِ

أَلاَ حَبَّذَا المَالُ الحَلاَلُ لِمَنْ هُدِي *** إِلَى البَذْلِ فِي أَبْـَوابِ بِرٍّ مُعَوَّدِ

*****

يعني إذا كنت لا تَعرِفُ من نَفسِكَ الثِّقَة في رَدِّ القَرضِ، فإنَّه يُكره لك أن تَقتَرضَ، ويُكرهُ لصاحِبِ المالِ أن يُقرِضَكَ؛ لأن هذا تَعريضٌ للمالِ للتَّلفِ، فإذا عُرف إنسانٌ في أنه سَيءُ الوفاء، ومُماطلٌ فإنه يُكره إقراضُهُ حفظًا للمال، وردعًا لهذا المُماطِل.

وقوله: «وَلِلسَّهْلِ لاَ بَأْسَ وَبِالشَّارِعِ اقْتَدِ»، أما للسَّهلِ الذي يَردُّ القرضَ ولا يُماطل فهذا يحسُنُ إقراضُه، وفيه اقتداءٌ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يقترضُ ويردُّ أحسنَ ممَّا اقترضَ وهذا من حسنِ القَضاءِ، فاقتَدِ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في حسْنِ القَرضِ وفي زيادَةِ الوَفاءِ من باب الإحْسانِ وحسنِ التَّعامُل والمكافأة للمُقرِض.

هل الأفضلُ الغِنَى أو الأفضَلُ الفَقرُ؟ الأفضلُ الغِنى لمنْ وُفِّق في بذْلِه والإحسانِ على النَّاس، وجاء في الحديثِ: «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ» ([1])؛ الذي يُنفقُ والذي يُقرِضُ والذي يُوسِّع على الناس، فهذا كونُ المالِ عنده نعمَةً من الله عز وجل ويؤجرُ عليه، نعم المالُ الصالِحُ للرَّجلِ الصَّالح.

أما المال الحرامُ فلا حبَّذَا، المال الحرَامُ عذابٌ على صاحبِهِ، إن تَصدَّق به لم يُقبَلْ منه، وإن مات كان زَادَه من النار، ويكون فائِدَته لغيره، ويكون هوَ عَليهِ التَّعب في جَمعِه، وحفظِه وتحصيلِه، ويكون النَّفعُ لغيره، كما يقولون: له الشَّوكُ ولغيره الثَّمرُ، وكذا لا خيرَ في


الشرح

([1] أخرجه: أحمد رقم (17309)، والحاكم رقم (2130).