العِلَّة الثَّانية:
أن التصوير فيه مُضاهاةٌ لخلق الله، فالمُصوِّر يحاول أو يُوجد صورة تشبِهُ
الصُّورة التي خلقها الله عز وجل، ولذلك يقال له يوم القيامة: أحْيي ما خَلقْتَ،
ويكلف أن يَنفُخَ الرُّوح في الصورة التي صورها في الدُّنيا، ويعذب بها في نَارِ
جَهنَّم، ويقال له: أَحْيي مَا خَلقْتَ، من باب التعجِيزِ له؛ لأنه لا يُحيي إلاَّ
اللهُ، ولا ينفخ الرُّوحَ إلاَّ اللهُ عز وجل، فالتَّصويرُ ليس بالأمر الهَيِّنِ،
وإن سَمَّوْه أنَّه من الفنون وأنه من النَّشاطِ الفَنِّي وما أشبه ذلك، ولذلك
الشَّيطانُ الآن أغرى الناس بالتَّصويرِ في كل شيء؛ لأن الشيطان يغريهم بهذا، لما
نهى اللهُ ورسولُه عنه، الشَّيطانُ يتسلَّطُ على العباد لمخالفَةِ النهي، وإلا ما
هي مَصالِحُهم من الصور هذه؟ وأشَدُّ من ذلك أنهم يصورونَ النِّساء الجميلات
سافرات للفِتنَة.
وهذه علة ثالِثَةٌ
في التَّصويرِ: وهي أن التَّصويرَ سَببٌ للفِتنَةِ وانتشارِ الفاحِشَةِ؛ لأن صورَ
النِّساءِ الجَميلات يُسببُ النَّظر فِيها، ثمَّ يَؤولُ إلى أن تَدخُلَ الشَّهوةُ
في نفسِ النَّاظر، وتكون الصورَةُ هذه كالقَوَّادةِ التي تقوده إلى الفاحِشَة.
فالتصويرُ فيه
محاذير ولَيس فيهِ نَفعٌ أبدًا، اللهم إلاَّ الصورُ الضَّروريَّة التي تصور للأمور
الجنائية، هذه ضرورية والضَّرورَةُ تبيحُ المَحظور، ومثل تصوير البطاقة، وتصوير
رخصةِ القِيادَةِ من أجل معرفَةِ الشَّخصِ، وتطبيق صورتِه عَليه لو حصل منه
إجْرامٌ، هذه ضروريَّة يَجوز عملها للضَّرورَةِ، أما غيرها من باب الفَنِّ، أو من
باب المَناظِر، أو من باب الذِّكرياتِ فَكلُّ ذلك غير جائز.