فإِنَّ
عبادَ اللهِ لَيْسُوا بنُعَّمِ *** فإِيَّاكَ والتَّنْعِيْمَ مَعْ زِيِّ جُحَّدِ
*****
يبن الخُشونةِ
والنُّعومةِ، هذا هو الاعتدالُ والوَسَطُ، والتَّمَعْدَدُ منسوبٌ إِلَى مَعَدِّ
بنِ عَدْنَانَ جدِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعادةِ المَعَدِّيِّيْن مِن
العَرَبِ أَنَّهم يَخْشَوشَنُون، ويتوسَّطون في مَشْيِهم وفي انْتِعالِهم وفي
رُكوبِهم، وهذا لا شكَّ فيها تربيةٌ بدنيَّةٌ على الآدابِ الشَّرْعيَّةِ، فلَوْ
أَنَّ الذين يسمُّون أَنْفسَهم بالتَّرْبوِيِّيْن يُوجِّهون الشَّبابَ
ويُربُّونَهم هذه التَّرْبيَّةَ الشَّرْعيَّةَ لكان حسنًا.
كذلك اتْرُكْ
التَّنعُّمَ دائِمًا بأَنْ لا تَأْكلَ إلاَّ أَشْياءَ لذيذةً وأَشْياءَ شهيَّةً،
لا تُداوِمْ على هذا، ولكنْ تارةً كذا وتارةً كذا، اعتدلْ بَيْنَ هذا وهذا، تارةً
تجوعُ وتارةً تشبعُ، وهكذا، فتكون معتدلاً، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيْسَ
عِبَادُ الله بالمُتَنَعِّمِيْنَ» ([1]) والرّجُلُ لم
يُخلقْ لأَجْل التَّنعُّمِ وتسمينِ جِسْمِه، وإِنَّما خُلق للعمل والجِهادِ
والقوَّةِ، هكذا ينبغي أَنْ يكونَ الرَّجُلُ، لا يُعوِّد نفسَه النُّعومةَ
والرِّقَّةَ، لا مانعَ أَنْ تَأْكلَ ممَّا أَحلَّ اللهُ مِن المستلذات، ولكنْ لا
تُداوِمْ على شيءٍ معيَّنٍ، بلْ تارةً كذا وتارةً كذا حتى لا تتعوَّدَ نفسُك.
ولا تَلْبَسْ ما يختصُّ به الكفَّارُ في أَزْيائِهم؛ لأَنَّ هذا مِن التَّشبُّهِ بِهم، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([2]) فلا تَلْبَسْ لُبْسَتَهم الخاصَّةَ بِهم، هذا مِن التَّشبُّهِ بِهم، بلْ تجنَّبْ زِيَّ الكفَّار.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (22105)، والبيهقي في «الشعب» رقم (6178).