×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَحَسْبُ فَتَى يَرْجُو السَّلاَمَةَ زَاجِرًا *** سُؤَالٌ عَنِ المَرْعِيِّ فَافْقَهْ تُسَدَّدِ

أَمَا عُمَرُ الحَبْرُ المُسَدَّدُ قَائِلٌ *** ألاَ لَيْتَنِي أَنْجُو كَفَافًا مِنَ الرَّدِي

وَكُنْ عَالِمًا أَنَّ القَضَاءَ فَضِيلَةٌ *** وَأَجْرٌ عَظِيمٌ لِلمُحِقِّ المُؤَيَّدِ

*****

اللهِ عز وجل، أما إذا ابْتلِي بها وطَلبَهُ وليُّ الأمرِ وأمره بها، فهذا يُعانُ عليها.

يَكفِيكَ فِي التَّحذِيرِ مِنَ الوِلاياتِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» ([1])، فأنت إذا تَولَّيتَ شَيئًا تكون راعيًا، يَسألُك الله عز وجل عنه يوم القيامة، فالوظائِفُ مَسؤوليَّةٌ وأمانةٌ، يقول الله جل وعلا للوُلاةِ والأمراء: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا [النساء: 58]، والمرادُ بالأمانَاتِ هنا المَناصِب أن تُسنِدوها إلى أهْلِها الذينَ يَقومونَ بها، فهي أمانَةٌ، والوالي راعٍ ومسئولٌ عن رعيته.

هذا عُمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه، الخليفَةُ الرَّاشدُ المُحدَّثُ الذي ملأ الدنيا بعدْلِهِ وقوَّتِهِ وجهادِه رضي الله عنه، لما مدَحوهُ عند الوفاةِ يُريدون أن يوسِّعُوا عليهِ وهو يعالِجُ سَكراتِ المَوت، وقال: «لَيْتَنِي أَنْجُو كَفَافًا لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِيَ» ([2])؛ هذه كلمته رضي الله عنه.

القضاءُ من قامَ به على وَجهِه - بأن كان عَالمًا وقضى بالعدلِ - يكون في الجَنَّة كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وله أجرٌ عظيمٌ؛ لأنه يعدلُ بين الناس ويحكُمُ بين النَّاس بالحقِّ والشَّرعِ.


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (893)، ومسلم رقم (1829).

([2] أخرجه: البخاري رقم (1392).