×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

لأَِمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَكَشْفِ ظَلاَمَةٍ *** وَإِصْلاَحِ ذَاتِ البَيْنِ مَعَ زَجْرِ مُعْتَدِ

إِذَا بَذَلَ الجَهْدَ المُحِقُّ إِنْ يُصِبْ يَفُزْ *** بِأَجْرَيْنِ وَالمُخْطِي لَهُ وَاحِدٌ قَدِ

*****

هذه مَصالِحُ القَضاءِ.

الأولى: الأمرُ بالمَعروفِ والنَّهي عن المنكَرِ، فمن صلاحيَّاتِ القاضي الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكر لأنه سُلطانٌ، والثانية: كَشفُ الظُّلمِ ومنْعُ التَّعدي.

الثالثة: من فضائل القضاءِ أن القاضي يُصلِحُ بين المتباغضين، ويسَوِّي النِّزاعَ بينهم ويَرضَون ويذهَبُ ما في أنفُسِهم بعضهم على بعض، الرابعة: زجرُ المُعتدِين. فالقاضي يحقِّقُ اللهُ به العدلَ بين الناس، فيكون له أجرٌ عظيمٌ إذا أخلص النِّيَّة للهِ وقام بأعباء القضاء.

فليس القضاءُ مُجرد الفَصلِ في المنازعات فقط، بل هذه جُزئِيَّة من أعماله، وعليه أعمال كثيرةٌ، وكان هذا عمل القُضاةِ إلى وقتٍ قريبٍ؛ فالقضاة كانوا يقومون بهذه الأعمال. أما الآن فقَلَّ من القُضاةِ من يَنتبِهُ لهذه الأمور، وإنَّما يداومُ وقتَ الدَّوام فقط ويترك الناس، وهذا سَيُسأل يومًا عن رعيته؛ لأن هؤلاء رَعيةٌ له، مسئول عنهم يوم القيامة، فيا ليت القُضاة يَنتبهونَ لهذا الأمر، ولا يكونوا مثل سَائِر المُوظَّفين، ولا يُعرفون في البَلدِ، ولا يُدرِّسُون، ولا يُفتونَ السائل؛ فهذا لا يَصلُح منهم، فالنَّاس بحاجة إلى من يُرشِدُهم.

هذا كما في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ اثْنَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ» ([1])، يكون في الجَنَّةِ إذا اجتهد في القَضيَّةِ وبذل جهدَه



الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).