×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَحَظْرٌ عَلَيْهِ الارْتِشَا وَقَبُولُهُ *** وَأَنْتَ لِدَفْع الظُّلْمِ فَارْشِ لِتَفْتَدِي

*****

وحكم بها، فإن أصابَ الحَقَّ فله أجران، أجرُ الاجتهادِ، وأجرُ الإصابَةِ، وإن اجتهَدَ وأخطأ فله أجرٌ واحِدٌ، أجر الاجتهادِ، والخطأ مغفورٌ؛ لأنه لم يتعمَّدْهُ.

الرشوة هي ما يُعطاهُ الحَاكِمُ من أجل أن يَحكُم للمُعطِي، سُمِّيتْ رِشوةً من الرِّشاءِ وهو الحبل الذي يُستَخرَجُ به الماء من البِئرِ، فكأن هذه الرِّشوةَ رشاءٌ يرادُ استخراج الحُكمِ بها، كما يُستخرجُ الماء من البِئر، وهذه هي السُّحتُ، الذي ذَمَّ الله عليه اليهود، قال: ﴿أَكَّٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ[المائدة: 42]، ولعن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِي والمُرتَشي ([1])، فدَلَّ على أن الرِّشوَةَ كَبيرةٌ من كبائرِ الذُّنوبِ، وجريمةٌ تُفسدُ الأحكامَ، وتُفسِدُ في البِلدانِ ويكون صَاحِب الحَقِّ ذَليلاً، ويكون المُبطل قَويًّا بسبب الرشوة، ففيها مَفاسد عظيمة، يُهان الحق ويُرفَعُ البَاطلُ، وتُعطَّلُ الأحكام، ويُحكَمُ بالجور بِسببِ الرِّشوَةِ.

وكذلك الرِّشوةُ هي ما يُدفعُ للمَسئولِ، سواء كان قاضيًا أو موظفًا، أو مديرًا، أو عاملاً على زَكاةٍ، أو جَابيًا، كل مَسؤولٍ فلا يجوز له أن يأخُذَ الرِّشوةَ، بل عليه أن يَقومَ بالعَملِ بدون رِشوَةٍ؛ لأنه موظفٌ يُعطَى راتبًا من بيت المال، ومُؤتَمنٌ على هذا العمل، وما فشَتِ الرِّشوةُ في مجتمع إلاَّ فَسدَ، وتعطلتْ أمورُه، فالرِّشوَةُ جَريمةٌ كبيرَةٌ وسحتٌ وحرامٌ، ما انتشرت في مُجتَمعٍ من المجتمعات إلاَّ دَبَّ إليه الفسادُ ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله.


الشرح

([1] أخرجه: أبو داود رقم (3580)، والترمذي رقم (1336)، وابن ماجه رقم (2313)، وأحمد رقم (6532).