أَبَاحَ
اكْتِسابَ المالِ مِن سُبُلِ حِلِّهِ *** فكانَ إِلَى تَحْصيلِه خيرَ
مُرْشِدِ
*****
إِنَّ هذا ليس فيه
حِكْمةٌ، بلْ قُلْ: إِنِّي عاجزٌ عن إِدْراكِها، اتَّهِمْ نفسَك ولا تتَّهمْ
أَحْكامَ الله بأَنَّها لا حكمةَ فيها، بل اتَّهِمْ عقلَك، واتَّهِمْ فهمَك
القاصرَ، أَمَّا اللهُ جل وعلا فإِنَّه لم يخلقْ شيئًا عبثًا، وهذا فيه ردٌّ على
الأَشاعرةِ الذين ينفون الحكمةَ عن الله، يقولون: إِنَّ اللهَ يفعل لمُجرَّدِ
المشيئَةِ فقط، لا لحِكْمةٍ، وهذا قولٌ باطلٌ، وهم يقولون: لو قُلْنَا إِنَّه يفعل
لحِكْمةٍ لصارت الحِكْمةُ مُؤَثِّرةً في الله، وإِنَّ اللهَ لا يخلق شيئًا إلاَّ
بشيءٍ يُؤَثِّر عليه، تعالى اللهُ عمَّا يقولون، هذا قولٌ باطلٌ، الله جل وعلا
حكيمٌ، كما سمَّى نفسَه بذلك وله الحِكْمةُ جل وعلا في أَفْعالِه وأَقْوالِه
وتشريعاتِه ومخلوقاتِه، لم يخلق شيئًا عبثًا.
كلُّ شيءٍ للهِ فيه
حِكْمةٌ، لماذا جعَل اللهُ بعضَ النَّاس أَغْنياءَ وبعضَهم فُقَراءَ، هذا فيه
حِكْمةٌ عظيمةٌ؛ لأَجْل قيامِ المصالح، لو كانوا كلُّهم أَغْنياءَ، تعطَّلتْ
الأَعْمالُ، وتعطَّلتْ المصانعُ، وتعطَّلتِ الحِرَفُ، احْتاج النَّاسُ إِلَى مَنْ
يصنع لهم ومَن يشتغل لهم، ولو كانوا كلُّهم فُقَراءَ ما استطاعوا التَّعاقدَ مع
العُمَّال ولا إِقامةَ مصانعٍ، فجعل اللهُ الأَمْوالَ بأَيْدي أُناسٍ، وجعَل الأَعْمال
بأَيْدي أُناسٍ آخَرِين لأَجْل أَنْ تقومَ المصالحُ. ﴿وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ
بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ﴾ [الزخرف: 32] أَيْ مسخَّرًا له في العمل، هذه هي
الحِكْمةُ.
مِن حِكْمتِه أَنَّه
أَبَاحَ اكْتِسابَ المالِ، فأَمَرَ اللهُ بطلب الرِّزْق ﴿فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ
لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾ [العنكبوت: 17]، ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ
وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ