×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فطَوْرًا بتوكيلٍ وطَوْرًا بأُجْرَةٍ *** مُعيَّنةٍ في فِعْلِ شَيْءٍ مُقيَّدِ

*****

أَنْتَ لا تستطيع الاستقلالَ بأَعْمالك، بلْ تحتاج إِلَى غيرك، إِمَّا بوكالةِ تَوْكلِ مَن ينوبُ عنك، وإِمَّا بأُجْرَةٍ تَسْتَأْجِرُ واحدًا يقومُ بأَعْمالك، لا تستطيع أَنْ تستقلَّ بأَعْمالِك أَبدًا، إِذًا أَنْتَ بحاجةٍ إِمَّا إِلى وكيلٍ وإِمَّا إِلَى أَجِيرٍ.

فالإِنْسانُ لا يستطيع أَنْ يستقلَّ بأَعْمالِه كلِّها، إِمَّا لكثرتِها، أَوْ غَيْبتِها في مكانٍ بعيدٍ، أَوْ لعجزِه هو عنها، فمِنْ حِكْمة الله سبحانه وتعالى أَنَّه شرَع التَّعاوُنَ بين النَّاس، وذلك بالتَّوكيل بأَنْ يُوكِّلَ مَن ينوبُ عنه في عملٍ مِن أَعْماله، وقدْ وكَّل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يشتري له أُضْحِيَّةً، ووكَّل الأُمرَاءَ الذين أَمَرَهم في الأَقْطار أَنْ يقوموا نيابةً عنه، في تصريفِ أُمُورِ النَّاس، ووكَّل صلى الله عليه وسلم في جبايةِ الزَّكاة وتوزيعِها على مستحقِّيها، ووكَّل صلى الله عليه وسلم في جباية الزَّكاة وتوزيعِها على مستحقيها ووكَّل صلى الله عليه وسلم في أُمُورٍ معلومةٍ وهذا له أَصْلٌ في القُرْآنِ، فأَصْحابُ الكهفِ لمَّا اسْتيقظوا مِن نومِهم الطَّويلِ أَرْسَلُوا واحدًا منهم يشتري لهم طعامًا، وأَعْطَوهُ الوَرِقَ وقالوا: ﴿فَٱبۡعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَٰذِهِۦٓ[الكهف: 19] والوَرِقُ هي النُّقودُ مِن الفِضَّة، فحاجةُ البشريَّةُ إِلى التَّوكيل معلومةٌ.

وكذلك شرَع للإِنْسان أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَن يقوم بدلَه بالأُجْرة، فيُؤَاجِرُ على أَعْمالِه، يجعَل موظَّفين، ويجعَل أُجَراءَ يقومون بأَعْمالِه بالأُجْرة، فبذلك تتمُّ مصالحُ العباد وتقومُ الأَعْمالُ، صاحبُ العمل ينتفع بحصولِ مقصودِه، والأَجِيرُ ينتفع بالأُجْرةِ ويستفيد منها، هذه حكمةُ الله سبحانه وتعالى، في التَّعاوُنِ بَيْنَ البَشَرِ، والشَّاعرُ يقول:


الشرح