×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

ويَحْرُمُ إِيْجارُ الكِلابِ وبَيْعُها *** بغيرِ خِلافٍ عِنْدَنا لَمْ يُقيَّدِ

وكُرْهٍ بِلاَ حَظْرٍ مبايعةُ امْرِئٍ *** تَمَوَّلَ مَنْ حِلٍّ وحَظْرٍ مُنَكَّدٍ

ومَعْلُومِ حَظْرٍ منه حَظْرٌ وَحِلُّهُ *** مباحٌ وفي الشُّبْهَاتِ مَبْهَمَهُ اعْدُدِ

*****

حادي عشر: من البيوعِ المُحرَّمةِ بيعُ الكلاب؛ لأَنَّه صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ» ([1]) فإِذَا كان ثمنُه حرامًا، فبيعُه حرامٌ، فيحرُم بيعُ الكلب، لكن يجوز الانتفاعُ به للحِراسة، أَوْ للصَّيْدِ أَوْ للماشيةِ، يجوز الانتفاعُ بالكلاب واقْتِناؤها لهذه الأَغْراضِ، لكن لا يجوز بيعُها وإِنْ كانت يُنْتفع بها للحِراسة ونحوِها؛ لعمومِ نَهْيِه صلى الله عليه وسلم عن ثمنِ الكلب، كذلك تَأْجِيرُه حرامٌ؛ لأَنَّه إذا كان يحرُم بيعُه، فإِجارتُه تحرُم؛ لأَنَّ الإِجارةَ بيعٌ للمنافع.

ثاني عشر: مَن ماله مَخلوطٌ من الحلال والحرام لا يحرم التَّعامل معه؛ لأَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تعامل مع اليَهُودِ وهُمْ يأْكلون الرِّبا، وأَكَلَ مِن طعامهم، إلاَّ ما عُلِمَ أَنَّه من قِسْمِ الحرام، فإِنَّه لا يجوز التَّعاملُ معهم فيه، أَمَّا ما لم يُعْلَمْ فالأَصْلُ الحلُّ وهذا مِن التَّيْسير على المسلمين، أَمَّا الإِنْسانُ الذي كلُّ مالِه حرامٌ، هذا لا يجوز التَّعاملُ معه، ولا الأَكْلُ مِن طعامِه.

أَمَّا ما يُعلَم أَنَّه مِن المَحْظور فلا يجوز.

هذه هي القاعدةُ أَنَّ ما عَلِمْتَ أَنَّه حلالٌ فلا بَأْسَ بتناولِه، وما عَلِمْتَ أَنَّه حرامٌ فيحرُم تناوُلُه، وما لا تدري عنه هلْ هو حلالٌ أَوْ حرامٌ فلا بَأْسَ بالتَّعامل معه، ولكنْ إِذَا تَجَنَّبْتَه مِن باب الاِحْتِياط فهو أَحْسنُ؛


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (2237)، ومسلم رقم (1567).