وإنَّما هذا
تَعَامُلٌ دُنْيَوِيٌّ لا دِينِيٌّ، وَرَدٌّ للجَمِيلِ الَّذي أَسْدَيَاهُ إلى
الوَلَدِ، وَحَقُّ الوالدين عَظِيمٌ، وعُقُوقُهُمَا من أكبر الكبائر بعد الشِّرك.
والعُقُوقُ هو
عَدَمُ البِرِّ بهما، وَعَدَمُ القيام بحقِّهما. هذا هو العُقُوقُ، وهو من أكبر
الكبائر بعد الشِّرك بالله عز وجل ؛ إِذْ كان حقُّهما بَعْدَ حقِّ الله.
فعُقُوقُهما يأتي
بعد الشِّرك في التَّحريم والغِلَظِ، وأَعْظَمُ مُحْسِنٍ إليك من المخلوقين هم الوالدان،
ولذلك جاء حقُّهما بعد حقِّ الله سبحانه وتعالى.
وَلَكِنْ في هذا
الزَّمان كَثُرَ العُقُوقُ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بالله، وَصَارَ أَكْثَرُ
الأولاد لا يَعْرِفُ وَالِدَهُ إلاَّ ربَّما في المُنَاسَبَاتِ، كَيَوْمِ
العِيْدِ، أو غَيْرِهِ؛ يأتي يسلِّم عليه، ولا يتفقَّد حَاجَتَهُ ولا خدمته، ولا
يَبَرُّ به.
بل بَلَغَ الأَمْرُ
ببعضهم إلى أنَّه يدفع وَالِدَهُ الكَبِيرَ إلى العناية بالمسنِّين، فيتبرَّأَ منه
ويبتعد عنه.
وجاء في الحديث
أنَّه في آخر الزمان يكثر العُقُوقُ، وهذا من علامات السَّاعة.
بل إنَّ الوَلَدَ
يحتقر الوالد، ويحتقر كلامه، وَيَصِفُهُ بالأوصاف الذَّميمة ويقول: إنَّه لا يفهم،
وإنَّه كذا وكذا، وإنَّه مُتَعَجْرِفٌ مُتَغَطْرِسٌ، وإنَّه.. وإنَّه.. هذا لا
يجوز، حتَّى ولو أساء إليك.
فلا يجوز لك أن
تَرُدَّ عليه بالمِثْلِ، يجب أن تتحمَّل، وأن تصبر، ولا تَرُدَّ عليه أبدًا ولو
أساء إليك.
لا تَرُدُّ إليه بالإساءة، وإن كان لك عليه دَيْنٌ، لا يُقَامُ دَعْوَى لك عليه. قال صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ» ([1]).
([1])أخرجه: ابن ماجة رقم (2291)، وأحمد رقم (6902)، وابن حبان رقم (410).