×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فله أن يأخذ مِنْ مَالِكَ ولا تعترض عليه، ولو كان لك عليه دَيْنٌ لا يجوز أن تطالبه به، ولا أن تشتكيه؛ فالشَّرْعُ عَظَّمَ من حقِّ الوالدين.

فالَّذي يَبَرُّ بوالديه يرزقه الله ذُرِّيَّةً تَبَرُّ به، والَّذي يَعُقُّ وَالِدَيْهِ، فإنَّ اللهَ يُعَاقِبُهُ بِأَوْلاَدٍ يعقُّونه. هذا في الدُّنيا، وَعَذَابُ الآخرة أَشَدُّ.

فالأَمْرُ خَطِيرٌ جِدًّا، وهذا يَغْفُلُ عنه كَثِيرٌ من أولاد المسلمين؛ يتطاولون على آبائهم وأمَّهاتهم، وَيَرَوْنَ أنَّهم أَحْسَنُ منهم تصرُّفًا، وَأَعْرَفُ منهم بالأمور، ولا يقدِّرونهم، ولا يَحْتَرِمُونَهُمْ.

فإذا تعلَّم الوَاحِدُ وأخذ شَهَادَةً تراه يحتقر أباه ويتكبَّر عليه، ويحتقر كلامه، ويحتقر رأيه، وهذا لا يجوز، حتَّى لو رأيت أنَّ أباك أو أمَّك عندهم شَيْءٌ من عدم الفهم.

لا يجوز أن تَحْتَقِرَهُمْ وَتَحْتَقِرَ رَأْيَهُمْ، بل تقدِّرهم وتحترِمُهُم، وتُجِلُّهم، ولا تحتقر رَأْيَهُمْ أبدًا.

فالَّذي يُدْخِلُ والده الكبير في بيت العَجَزَةِ أو العناية بالمسنِّين، يُبْتَلَى بِوَلَدٍ يُدْخِلُهُ في المستقبل، وَيُلْقِيهِ في المستقبل فيهما.

فَالوَاجِبُ على المسلم أن يَبَرَّ بِوَالِدَيْهِ، حتَّى ولو أساء إليك الوَالِدُ تتحمَّل، ولا تقابله بمثل ما أساء إليك؛ بل تتقبَّل إساءته، وتعفو عنه.

فكيف إذا كان الوَالِدُ ما صَدَرَ منه بحقِّك إلاَّ الخَيْرُ؟ كيف إذا احتاج إليك تُعْرِضُ عنه، وتَنْبُذُهُ؟

هذا أَمْرٌ لا يَجُوزُ، حتَّى بعد مَوْتِهِ يبقى بِرُّهُ، وذلك بِسَدَادِ ما عليه من الدُّيون، وإنفاذ وصاياه الَّتي أوصى بها، والدُّعَاءِ له، والاستغفار له،


الشرح