×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

    وسكنى الفتى في غرفة فوق سِكَّةٍ *** يَؤُولُ إلى تهمى البَرِيِّ المسدَّدِ

وإيَّاك يا هذا وَرَوْضَةَ دِمْنَةٍ *** سترجع عن قُرْبٍ إلى أَصْلِهَا الرَّدِي

****

ولكن تَغَاضَّ واصبر، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا، وإن استمتعت بها، استمتعت بها على عَوَجٍ، فَاصْبِرْ عليها.

حذَّر النَّاظِمُ رحمه الله من أن يسكن الإِنْسَانُ في غُرْفَةٍ فوق طريق النَّاس؛ لأنَّه لا يَسْلَمُ من أن يطَّلع على أشياء تَفْتِنُهُ من النِّساء، ومن أحوال النَّاس.

وكذلك لا يَسْلَمُ من أنَّ النَّاسَ يطَّلعون عليه وعلى أهله. وهذا فيه الحَثُّ على أن تكون الغُرْفَةُ الَّتي يسكن فيها الإنسان وينام فيها بَعِيدَةً عن طريق النَّاس، من أَجْلِ السَّتْرِ، ومن أَجْلِ البُعْدِ عن أسباب الفتنة.

وهذا كما أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الجلوس في الطُّرُقَاتِ، فلمَّا راجعوه في ذلك قال: «إِذَا أَبَيْتُمْ إلاَّ الجُلُوسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ».

وَذَكَرَ أنَّ من حقِّ الطَّريق: غَضَّ البصر؛ فالَّذي يُطِلُّ على النَّاس يكون مِثْلَ الجالس في الطَّريق؛ قد ينظر إلى أشياء تَفْتِنُهُ.

 

يحذِّر من الزَّواج بالنِّساء اللاَّتي لا يُؤْتَمَنَّ على الزَّوجيَّة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ» ([1]).

هذا الَّذي أَوْصَى به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ؛ أنَّ المُسْلِمَ يختار المسلمة الدَّيِّنَةَ، ولا يُغْرِيهِ جَمَالُ المرأة، أو ما عندها من المال، أو ما لها من الحَسَبِ


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5090)، ومسلم رقم (1466).