ولهذا كان النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَعْدِلُ، وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ
هَذَا قَسْمِي، فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي - أَوْ لاَ تُؤَاخِذْنِي - فِيمَا
تَمْلِكُ، وَلاَ أَمْلِكُ» ([1]).
واللهُ جل وعلا
يَقُولُ: ﴿وَلَن
تَسۡتَطِيعُوٓاْ أَن تَعۡدِلُواْ بَيۡنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوۡ حَرَصۡتُمۡۖ﴾؛ [النساء: 129]
يَعْنِي في المحبَّة.
﴿وَلَوۡ حَرَصۡتُمۡۖ﴾ فهناك وَاجِبٌ، وهناك عَدْلٌ غَيْرُ مستطاع، وهذا لا
يُؤَاخَذُ الإِنْسَانُ عليه، فَيَجِبُ التَّنَبُّهُ لذلك.
وقوله تعالى: ﴿أَوۡ مَا مَلَكَتۡ
أَيۡمَٰنُكُمۡۚ﴾ أي: تَطَأُ بِمِلْكِ اليمين ما شِئْتَ من غير تَقَيُّدٍ بِعَدَدٍ.
وتعدُّد الزَّوجات
فيه مَصَالِحُ، وهو من مَحَاسِنِ الإسلام، وهو في مصلحة النِّساء منه في مصلحة
الرِّجال؛ لأنَّ الرَّجُلَ يتحمَّل النَّفقة، ويتحمَّل طَلَبَ الرِّزق لزوجاته
ويتحمَّل القَوَامَةَ عليهنَّ؛ فهو الَّذي عليه الحِمْلُ، أمَّا النِّسَاءُ فليس
عليهنَّ حِمْلٌ.
أيضًا الغَالِبُ
أنَّ النِّسَاءَ أكثر من الرِّجال، ولا سيَّما في أيَّام الحروب؛ فإنَّ الرِّجَالَ
يقلُّون بسبب القتل، فتبقى نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ.
فَلَوِ اقْتَصَرَ الرَّجُلُ على وَاحِدَةٍ، لتعطَّلت بقيَّة النِّساء؛ فَمِنْ حِكْمَةِ الله أنَّه أَبَاحَ التَّعدُّدَ من أجل أن يَكْفُلَ الرَّجُلُ أَكْثَرَ عَدَدٍ مُمْكِنٍ من النِّسَاءِ، بَدَلَ أَنْ يَقْتَصِرَ على وَاحِدَةٍ، وَتَضِيعَ البَقِيَّةُ.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (2134)، والترمذي رقم (1140)، والنسائي رقم (3943)، وابن ماجه رقم (1971).