ونُصْح كِتَابِ
اللهِ معَ نُصْح أحْمَد *** نبِيِّك خَيْر المرْسَلِينَ محَمَّدِ
****
«تَحُزْ قَصَبَاتِ
السَّبْقِ» إذا أَرَدْتَ أن تسبق غَيْرَكَ في الدُّنيا، عليك بتقوى الله، إذا
أَرَدْتَ أن تَسْبِقَ غَيْرَكَ في الآخرة، عليك بِتَقْوَى الله.
فَتَقْوَى الله
تَجْمَعُ لك خَيْرَيِ الدُّنيا والآخرة.
لمَّا انتَهَى مِن
بيَانِ فُروضِ الكِفَايَات، وفُروضِ العَيْن، انتَقَلَ إلى بيَانِ وُجُوبِ
النُّصْح؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»،
قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ
الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([1])، والنُّصْح معْنَاه
الخلُوصُ، فالشَّيء الخَالِصُ يُقالُ لَه نَاصِح، أي: خَالِص مِن الغشِّ، فعَليْكَ
بأنْ تَكُون خالصًا من الغشِّ في حقِّ اللهِ جل وعلا، وفي حقِّ كِتَاب اللهِ وفي
حقِّ رسُولِ اللهِ، وفي حقِّ أئمَّةِ المُسلِمينَ ووُلاةِ الأمُورِ، وفي حقِّ
عامَّة المُسلِمينَ، تَكُون خَاليًا من الغشِّ والخَدِيعَة والمَكْر، في جَمِيعِ
هذه الأمُورِ، أوَّل شَيءٍ معَ اللهِ سبحانه وتعالى، لاَ يَكُون عِنْدكَ شِركٌ ولا
رِياءٌ ولا سُمعَةٌ لغَيْر اللهِ عز وجل، أخْلِصْ للهِ عز وجل نيَّتكَ، وعمَلكَ،
أمَّا إذا لَم تخلِصْ فلَسْتَ نَاصحًا للهِ عز وجل.
و«نُصْح كِتَاب اللهِ» وهُو القُرآنُ بأَنْ تَعتَقِدَ أنَّه كَلامُ اللهِ، مُنزَّلٌ غَيْر مَخلُوقٍ، فالَّذي يَعتقِدُ أنَّ القُرآنَ مَخلُوقٌ هذَا لَم يَنْصَحْ لكِتَابِ اللهِ؛ فلا بدَّ أن تَعْتَقِد أنَّه كَلامُ اللهِ، لا كَلامُ غَيْره، أنَّ اللهَ تكلَّم بِه حَقيقَةً، هذَا من النُّصْح لكِتَابِ اللهِ عز وجل، وأنْ تتَعَلَّمَ كتَابَ اللهِ وتَحفَظَهُ وتَقرَأَهُ وتُكْثِرَ من تِلاوَتِه، وأنْ تَتدبَّرَه وتَعرِفَ معَانِيه وتَفْسِيرَه، وأنْ تَعملَ بِه، هذا من النُّصْح لكِتَابِ اللهِ عز وجل، أمَّا الَّذي يَقرَأُ القُرآنَ ويُجوِّدُ القُرآنَ من
([1])أخرجه: مسلم رقم (55).