ومَا زَالَ فِينَا
كلَّ عَصْر أئمَّة *** يذبُّونَ عَن دِينِ الهُدَى بالمُهنَّدِ
فيَنْفُونَ
تَحرِيفَ الغُوَاةِ وأظْهَرُوا الـ *** ـصَّحِيحَ من المَعْلُولِ
في كلِّ مَشهَدِ
فأرْبَعَة في
أوَّلِ الأمْرِ عُمْدَة *** وأرْبَعَة في آخِرِ الأمْر قلدِ
فكلٌّ أتَى في
الدِّينِ أقْصَى اجْتهَادِه *** وأحْمَدهُم في النَّقْدِ مذْهُب أحْمَدِ
****
هذَا من رَحْمَة
اللهِ جل وعلا أنَّه جَعلَ في كلِّ عَصْر من العُصورِ من العُلمَاءِ المُجدِّدينَ
مَن يُجدِّدُونَ هذا الدِّينَ وينصُرونَه، ويَنفُونَ عنْه انتِحَال المُبطِلِينَ،
وتَأويلَ الجَاهِلينَ، ويُقيمُ أيْضًا وُلاةَ أمُورٍ من المُسلِمِينَ يَحكُمُونَ
بكتَابِ اللهِ ويَردَعُونَ الظَّالمَ، ويقِيمُونَ الحُدودَ، فالمسْلِمُونَ لا يَخلُونَ
من أئمَّة في الدِّينِ وأئمَّة في السِّياسَةِ ووِلايَة الأمْرِ، هذا من نِعَمِ
اللهِ سبحانه وتعالى، لَوْلاَ أنَّ اللهَ جَعلَ هؤُلاءِ لضَاعَتِ الأُمَّة.
قَيَّض لهذَا
الدِّينِ حُماةً من العُلمَاءِ بالحُجَّةِ والبَيَانِ، وحُماةً من الوُلاةِ
بالسَّيفِ والسنَانِ، فاللهُ قَيَّضَ لهذا الدِّينِ أئمَّةً يَحفظُونَه في كلِّ
وَقتٍ.
هؤُلاءِ الأئمَّةُ
أرْبَعَة، الَّذِين هُم أبُو حَنيفَةَ ومَالكٌ والشَّافعيُّ وأحْمَدُ، هَؤُلاءِ
الأئمَّةُ الأرْبَعَة هُم الَّذِين بقِيَتْ مَذاهِبُهم ودُرِّسَتْ في المَدَارِسِ
العِلميَّةِ واعْتمَدَهَا المُسلِمُونَ، وهِيَ المَذاهِبُ الحيَّةُ المَوجُودَةُ،
هذَا مِن نِعَمِ اللهِ سبحانه وتعالى، وهِيَ مَذاهِبُ أهْلِ السُّنَّةِ، وهنَاكَ
أئمَّة من أهْلِ السُّنَّة غَيرهُم لَكِن انقَرَضَتْ مذَاهِبُهُم، أو اندَرَجَتْ
في هذِه المَذَاهِب الأرْبَعِة، هذِه المَذاهِبُ الأرْبعَة هِي عُمدَة المُسلِمينَ
الآنَ في الأرْضِ، إمَّا الحَنفيُّ وإمَّا المَالكيُّ وإمَّا الشَّافعيُّ، وإمَّا
الحَنْبليُّ.
كُلٌّ من الأئِمَّةِ
الأرْبَعَةِ أدَّى أقْصَى اجْتِهادِه فرَحِمَهُم اللهُ وجَزَاهُم عن الإسْلاَمِ
والمُسلِمينَ خَيرًا، كلٌّ منْهُم ما قَصَّرَ في شَيءٍ