×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وجَادَ لنَصْرِ الحَقِّ بالنَّفْسِ صَابرًا *** علَى الجَلَدِ والتَّهدِيدِ منْ كلِّ مُعْتَدِ

فَآبَ بحَمْدِ اللهِ بالنَّصْرِ والهُدَى *** وبَاءُوا بخُسْرَان وذُلٍّ مؤَبَّدِ

ومَا زَالتِ العُقبَى لكُلِّ مَنِ اتَّقَى *** كذَلكَ وَعدُ اللهِ في الذِّكْرِ الأمْجِدِ

****

 اللهِ، هَاتُوا لِي آيَةً من كتَابِ اللهِ أو من سنَّة رسُولِ الله أقُولُ بهَا، ويضْرِبونَهُ ويَسحَبُونَه في الأسْوَاقِ، وهُو يَقولُ: القُرآنُ كَلامُ اللهِ مُنزَّلٌ غَيْر مَخلُوقٍ.

«ورَدَّ عَلَيْهِم رَدَّ خَيْرٍ مُسَدَّدِ» يقُولُ لهُم: هَاتُوا لِي نَصًّا مِن كِتَابِ اللهِ، أوْ من سنَّة رسُولِ اللهِ أقُولُ بِه، مَا عنْدَهُم شَيءٌ من كتَابِ اللهِ ولا من سنَّة رسُولِ اللهِ، ما عنْدَهُم إلاَّ قَولُ الجَهْم بن صَفْوانَ وبِشْر المرِّيسِي وأحْمَد بن أبِي دُؤَادٍ من المُعتزِلَةِ، ما عنْدَهُم غَيْر هذَا.

صَبَرَ علَى الجَلْدِ حتَّى أنَّهُم شقُّوا جِلْدَه بالضَّرْبِ وأدْمَوْهُ حتَّى أُغْمِي عَلَيْه عِدَّة مرَّاتٍ، وإذَا أفَاقَ يظُنُّونَ أنَّه يتَرَاجَعُ فيَأْبَى، ويقُولُ: هاتُوا لِي من كتَابِ اللهِ، أو من سنَّة رسُولِ اللهِ، ثُمَّ يعِيدُونَ علَيْه الضَّرْبَ، ثمَّ يُغمَى علَيْه ثمَّ إذَا أفَاقَ قالُوا لَه: قلْ، يقُولُ: هَاتُوا لِي من كتَابِ اللهِ ومن سنَّةِ رسُولِ اللهِ.

كَانتِ العَاقِبةُ - وللهِ الحمْدُ - لَه، وانتَصَر عَلَيْهِم، وبقِيَ الحَقُّ بسَبَبِ ثبَاتِه وصَبْرِه واحْتِسَابِه رحمه الله.

يقُولُ اللهُ جل وعلا:﴿وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ[القصص: 83] فالَّذِي يُريدُ العَاقِبَة الطَّيبَةَ يَصبِرُ علَى الأذَى، ويَصبِرُ علَى الامْتِحَانِ، لا يَحصُلُ هذَا بدُونِ ثمَنٍ، لكَنْ بشَرْطِ أنْ يكُونَ الإنْسَانُ علَى الحَقِّ، أمَّا الَّذِي يُكابِرُ ويَصبرُ علَى الجَهْل وعلَى غَيرِ حقٍّ، هذَا مُعاندٌ ومُكابرٌ.


الشرح