وإيَّاكَ عَن
آرَاءِ كلِّ مزَخْرِفٍ *** مقَالَتَهُ فالسُّمُّ في ضِمْنِهَا الرَّدِي
فقَدْ مَاتَ خَيرُ
النَّاسِ والدِّينُ كَاملٌ *** غَنيٌّ عنِ التَّبيِينِ مِن كلِّ مُلحِدِ
فطَالِبُ دِينِ
الحَقِّ في الرَّأْيِ ضَائعٌ *** ومَنْ خَاضَ في عِلْم الكلاَمِ فمَا هُدِي
****
إيَّاكَ والأقْوَالَ
المُزخْرَفَة والمُزوَّرَة فإنَّ المُفْسِدِينَ عنْدَهُم من البَلاغَةِ ومَعسُولِ
القَوْلِ مَا يَخدَعُ، قَالَ اللهُ جل وعلا: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ يُوحِي بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ
١١٢ وَلِتَصۡغَىٰٓ
إِلَيۡهِ أَفِۡٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَلِيَرۡضَوۡهُ
وَلِيَقۡتَرِفُواْ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ ١١٣ أَفَغَيۡرَ
ٱللَّهِ أَبۡتَغِي حَكَمٗا وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مُفَصَّلٗاۚ وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡلَمُونَ أَنَّهُۥ
مُنَزَّلٞ مِّن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ﴾ [الأنعام: 112-
114] فتَأمَّلْ هذِه الآيَاتِ.
اللهُ جل وعلا قَبلَ
وَفَاةِ الرَّسُولِ بشَهْر وأيَّامٍ أنْزَلَ عَلَيْه في عَرَفَة وهُو وَاقِفٌ في
حجَّة الوَدَاعِ ﴿ٱلۡيَوۡمَ
أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي﴾ [المائدة: 3] فلَمْ
يُتوَفَّ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم إلاَّ وأَكْمَلَ اللهُ بِه الدِّينَ،
فالَّذِي يَأتِي بإِضَافَةٍ بعْدَ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم فهِيَ إضَافَةٌ
مَردُودَةٌ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا
لَيسَ مِنْه فهُو رَدٌّ» ([1])، وفي رِوَايَةٍ «مَنْ
عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا هَذَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2]).
الَّذِي يُقدِّمُ الرَّأيَ عَلَى النَّصِّ ضَائِعٌ، والَّذِي يُقدِّم الاجْتهادَ على نَصِّ القُرآنِ أو السُّنَّة هذَا ضَائعٌ، لا اجْتهَادَ معَ النَّصِّ أبَدًا، ولَو