×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

ولَوْ كَانَ حَقًّا لَم يَكُن مُتناقِضًا *** ولَم يَنْتقِلْ بِهِ ذَا تَلدُّدِ

وَمَا الحَقُّ إلاَّ لَيلُه كنَهَارِهِ *** يُزيلُ ضِياءً خَالِيًا مِن تَردُّدِ

بِه يَطمَئِنُّ القَلْبُ غَيْر مُزَعْزَعٍ *** ولاَ خَائِفٍ بَلْ آمِنٌ مِن تَنكُّدِ

فَمَنْ قَلَّدَ الآرَاءَ ضَلَّ عَنِ الهُدَى *** ومَنْ قَلَّدَ المَعْصومَ فِي الدِّينِ يَهتَدِي

****

 أنَّ مَا هُم عَلَيْه لَيسَ بحَقٍّ، وكُلٌّ يدَّعِي أنَّ الحقَّ عِنْدَه وأنَّ الآخَرَ مُخطِئ، وهذَا يَحصُل لكلِّ مَن خَالَفَ الكتَابَ والسُّنَّة، والتَمسَ الهُدَى من غَيرِهِمَا، فإنَّه يُبتلَى بالاخْتِلاَف، وعَدَم الاسْتِقْرَارِ.

ولَو كَانَ مَا هُم عَلَيْه حَقًّا لَم يتَناقَضُوا فِيمَا بَينَهُم، فدَلَّ علَى أنَّه لَيْسَ حَقًّا؛ لأَِنَّ الحَقَّ يَتفِقُ أَهْلُه ولاَ يَتنَاقَضُونَ فِيمَا بَينَهُم.

الحقُّ لَيلُه كنَهَارِهِ، كمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إلاَّ هَالِكٌ» ([1]) فالحَقُّ وَاضِحٌ لا يتَلبَّسُ ولاَ يَختَلِفُ، ﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ [فصلت: 42]، ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا [النساء: 82].

مِنْ ثِمَارِ اتِّباعِ الحَقِّ الاسْتِقْرَار النَّفْسِي واطْمِئْنَان القَلْب، وأمَّا مَن كَانَ عَلَى غَيْر ذَلِكَ فإنَّه يُبتلَى بالهُمُومِ، وضِيقِ النَّفْس، وعَدَم الطَّمأنِينَةِ، كَمَا هُو حَالُ من خَالَفَ الكِتَابَ والسُّنَّة.

مَن قلَّد آرَاءَ النَّاس ضلَّ عن الهُدَى؛ لأنَّها ليْسَت هُدًى، وإنَّما يَتَّبعُ سَرابًا، ﴿يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡ‍َٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ يَجِدۡهُ شَيۡ‍ٔٗا


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (44)، وأحمد رقم (17142)، والحاكم رقم (331).