×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فلَما الدِّين إلاَّ الاتِّبَاع لِمَا أَتَى *** عَن اللهِ والهَادِي البَشِيرِ محَمَّدِ

كذَلكَ قَالَ الشَّافعيُّ وغَيْرُه *** مِنَ النَّاصِرينَ الحقَّ مِن كلِّ مُهتَدِ

ومَحْضُ التَّلقِّي بالقَبُولِ لَه بِلاَ *** تَأوُّلٍ أو تَشْبِيهٍ أو رَدِّ جَحدِ

فكَابِدْ إلى أنْ تَبلُغَ النَّفسُ عُذرَها *** وكُن في اكْتِسَابِ العِلْم طَلاَّعَ أنْجدِ

****

 [النور: 39] أمَّا الَّذِي يتَّبعُ المَعصُومَ وهُو مُحمَّد صلى الله عليه وسلم فإنَّه يَهتَدِي إلَى الصَّوَابِ.

الدِّينُ لَيسَ إلاَّ باتِّباعٍ للكِتَاب والسُّنَّة، اتِّباع للقُرآنِ واتِّباع للسُّنَّة الوَارِدَة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي لا يَنطِقُ عنِ الهَوَى، فهُمَا المَصدَرُ للدِّين، ولاَ يُؤخَذُ الدِّينُ مِن آرَاءِ النَّاس واسْتِحْسَانَاتِهِمْ وابْتدَاعِهِم، إنَّمَا يُؤخَذُ من الكِتَابِ والسُّنَّة.

قَالَ الإمَامُ الشَّافِعيُّ رحمه الله: أجْمَعَ المُسلِمُونَ على أنَّ من استَبانَتْ لَهُ سُنَّة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَم يَكُن لَه أن يَتركَهَا لقَوْل أحَدٍ، وقَالَ رحمه الله: إذَا صَحَّ الحَدِيثُ فهُو مَذْهَبِي، وقَالَ: إذَا خَالَفَ قَوْلِي قَولَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاضْرِبُوا بقَوْلِي عُرْضَ الحَائِطِ، هَذَا كَلاَمُ الإمَامِ الشَّافِعِي رحمه الله، وهُو كَلاَمُ غَيْرِه مِن الأئِمَّة كُلُّهُم يوصُونَ بهَذَا.

الحَقُّ يُقبَلُ من غَير تَأوِيلٍ، ومِن غَيرِ تَردُّدٍ، بَل يُقبَلُ الحقُّ سَواءٌ وَافقَ الهَوَى أو خَالفَ الهَوَى؛ فإنَّ الحقَّ هُو الهُدَى، ولَو أنَّكَ في أوَّلِ الأمْرِ كَرِهْته أو خَالَفَ هَواكَ فإنَّه في النِّهايَة يكُون خَيرًا لَك في العَاقِبَة.

كَابدْ يَعنِي: اتْعَبْ واصْبِرْ علَى طَلَبِ الحقِّ؛ حتَّى تَبلُغَ النفْسُ عُذرَها، فإذَا بذَلْتَ جُهدَكَ فأنْتَ مَعذورٌ، إنْ وَافقْتَ الحقَّ فلَكَ أجْرَانِ،


الشرح