×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فمَنْ هَجَرَ اللَّذَّاتِ نَالَ المُنَى وَمَنْ *** أكَبَّ علَى اللَّذَّاتِ عضَّ علَى اليَدِ

وفِي قَمْعِ أهْوَاءِ النُّفُوسِ اعْتِزَازُهَا *** وفِي نَيْلِهَا مَا تَشتَهِي ذُلَّ سَرْمَدِي

فلاَ تَشتَغِلْ إلاَّ بِمَا يُكسِبُ العُلاَ *** ولاَ تَرضَى للنَّفْسِ النَّفِيسَةِ بالرَّدِي

****

إذَا أعْطَيتَ نَفْسكَ هَواهَا؛ تنَامُ وتَأكُلُ وتَشرَبُ، لا تَجْهدُ فِكرَكَ، ولاَ تَذهَبُ إلَى العُلمَاءِ ولا تَلتَحِقُ بالدِّرَاسَةِ بُغيَة الرَّاحَةِ فسَتَندَمُ في العَاقِبَةِ وإنْ كُنتَ ارْتحْتَ في أوَّلِ الأَمْرِ جسمِيًّا، لَكِن سَتتْعَبُ فِكريًّا، ويَتعَبُ قَلبُكَ في المُستَقْبَلِ.

 الهَوَى كمَا في المَثلِ يُعمِي ويُصِمُّ، واللهُ جل وعلا يَقولُ: ﴿بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ فَمَن يَهۡدِي مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّٰصِرِينَ [الروم: 29] ويَقولُ سُبحَانَه: ﴿أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ [الجاثية: 23] ويَقُولُ سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ [ص: 26] قَالَ سُبحَانَه: ﴿فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ [القصص: 50] ويَقُولُ لنَبيِّه: ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ ١٨ إِنَّهُمۡ لَن يُغۡنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ٔٗاۚ وَإِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۖ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ [الجاثية: 18- 19] فعَلَيْكَ بمُخَالَفَةِ الهَوَى واتِّبَاعِ الحَقِّ، إنْ كُنتَ تُريدُ النَّجَاةَ لنَفْسِكَ.

لاَ تَشْتَغِلْ إلاَّ بِشَيْءٍ عَاقِبَتُهُ حَميدَةٌ، ولَو كَانَ شَاقًّا عَلَى نَفْسِكَ، انْظُرْ إِلَى العَواقِب، فإذَا كَانَ الشَّيءُ لذِيذًا في الحَاضِر لكِن عَاقبتُه سَيِّئة فاتْرُكْه، وإذَا كَانَ العَكسُ الشَّيءُ شَاقٌّ في الحَاضِر، لَكِن عَاقِبتُه حَميدَةٌ، فعَلَيْكَ بِه واصْبِر علَى المَشقَّةِ، وهَذَا هُو الوَاقِعُ، ولهَذَا يقُولُونَ:


الشرح