×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

ونَادِ إذَا مَا قُمتَ في اللَّيلِ سَامعًا *** قَريبًا مُجيبًا بالفَواضِل يَبتَدِي

ومُدَّ إلَيْه كفَّ فقْرِكَ ضَارعًا *** بقَلْبٍ مُنيبٍ وادْعُ تُعطَ وتُرْشَدِ

****

 يقُولُ اللهُ: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأعُطِيَنَّه وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» ([1]) فَإِذَا حَافظْتَ علَى فَرائِضِ اللهِ فإنَّ الفَرائِضَ تُدَرِّبكَ علَى النَّوافِل، أمَّا إذَا ضَيَّعتَ الفَرائِضَ فلَنْ تُفيدَك النَّوافلُ، أكْثِرْ من النَّوافِل.

اللهُ جل وعلا قَريبٌ مُجيبٌ، يَسمعُك ولَو بالهَمْس، ويَعلمُ حتَّى لَو لَم تتكَلَّم، يَعلَم مَا في نفْسِكَ، اللهُ قَريبٌ، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ [البقرة: 186] أنْتَ إذَا أرَدْتَ مَلِكًا مِن المُلوكِ أو سُلطَانًا من السَّلاطِينِ لا يَسمَعُكَ ولا تَصِلُ إِلَيْه، ولاَ يَسمَحُ لَكَ بالدُّخُولِ عَلَيْه، وأمَّا اللهُ جل وعلا فإنَّه مَعكَ قَريبٌ منكَ، لا يَحتَاجُ إلَى سَفَرٍ ولاَ إلَى وَسَائِطَ أَبدًا، مُدَّ يَدَيْكَ وادْعُ وتَضرَّعْ إلَيْه، ادْعُ واسْألْهُ فِي أيِّ وَقتٍ وفِي أيِّ مَكانٍ، فمَتى مَا سَألْتَه أجَابَك.

«بالفَواضِلِ يَبْتَدِي» يَبْتَدِي مَا لَم تَسأَلْهُ، فكَيْفَ إذَا سَألْتَه.

يَقولُ اللهُ تَعالَى: «مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» يَعْرِضُ هَذَا عَلَى عِبَادِهِ فِي كُلِّ لَيلةٍ، حِينَ يَنزلُ إلى السَّماءِ الدُّنيَا فلاَ تُضيِّعْ عَليْك هذه الفُرصَ.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6502).