×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

 فَمَا العِزُّ إلاَّ في القَناعَةِ والرِّضَا *** بأدْنَى كَفافٍ حَاصِل والتَّزهُّدِ

فَمَنْ لَمْ يقَنِّعْهُ الكَفافُ فمَا إلَى *** رِضَاهُ سَبيلٌ فاقْتَنِعْ وتَقَصَّدِ

فَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغنِه اللهُ والغِنَى *** غِنَى النَّفْسِ لا عَن كَثْرَةِ المُتعَدِّدِ

****

يَكونُ مَعكَ قَناعَةٌ، وإذَا حَصَلْتَ علَى الكَفافِ فَارْضَ بِه؛ فإنَّ الكَفافَ فِيه خَيرٌ، والغِنى ربَّمَا يُطغِيكَ، ربَّمَا يَجرُّك إلى طَلَبِ الحَرامِ، فخَيرُ ما يُعطَاهُ الإنْسانُ القَناعَةُ بِمَا رَزقَهُ اللهُ، أمَّا إذَا لَم تُعْطَ القَناعَةَ فَلَو أُعْطِيتَ الدُّنيَا كُلَّهَا فإنَّك لاَ تَشبَعُ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أُعْطِيَ ابْنُ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ لاَبْتَغَى إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَوْ أُعْطِيَ ثَانِيًا لاَبْتَغَى إِلَيْهِ ثَالِثًا، وَلاَ يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ الله عَلَى مَنْ تَابَ» ([1]).

والصَّبرُ علَى الفقْرِ لَيسَ معْناهُ أنَّك تُعطِّلُ السَّببَ، لَكنِ اصْبِرْ، ولاَ تَسرِقْ، ولاَ تَخنْ، ولاَ تَنهَبْ، بَل اطْلُبِ الرِّزقَ من الحَلالِ، لا تَطلُبْهُ مِن الحَرامِ.

إذَا حَصَّلْتَ القَناعَةَ والكَفافَ حَصَلْتَ علَى خَيرٍ عَظيمٍ، النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا» ([2]).

الَّذِي لاَ يَقتَنِع بالكَفافِ يَنفَتحُ عَلَيْه بَابُ الطَّمَعِ ولَو سِيقَتْ لَه الدُّنيَا بحَذافِيرِهَا لاَ يَرضَى بِها، يَبتَغِي أكْثَرَ مِنْهَا.

الغِنَى غِنَى النَّفسِ كمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ» ([3])، الغَنيُّ مَن رزَقهُ اللهُ غِنَى النَّفسِ،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6436)، ومسلم رقم (1049).

([2])أخرجه: مسلم رقم (1055).

([3])أخرجه: البخاري رقم (6446)، ومسلم رقم (1051).