×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

حَريصًا عَلَى نَفعِ الوَرَى وهُدَاهُم *** تَنلْ كُلَّ خَيرٍ في نَعِيمٍ مُؤبَّدِ

وإِيَّاكَ والإِعْجَابَ والكِبْرَ بالشَّـ *** ـقَاوَةِ في الدَّارَينِ فَارْشُدْ وأَرْشِدِ

وهَا قَدْ بذَلْتُ النُّصْحَ جَهْدِي وإنَّنِي *** مُقرٌّ بتَقْصِيرِي وباللهِ أَهْتَدِي

****

 صِرتَ قُدوةً حسَنةً للنَّاس، وإذَا لَم تَعمَلْ بعِلْمِكَ، صِرتَ قُدوةً سيِّئةً للنَّاس.

كذَلكَ من آدَابِ طَالِبِ العِلمِ أنْ يَحرِصَ علَى نَفعِ النَّاسِ، لاَ يَقتَصِر علَى نَفْسِه، ولذَلكَ شَبَّه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم العَالِمَ بالقَمَرِ؛ لأنَّ القَمرَ يُضيءُ للنَّاسِ الطَّرِيقَ ويَمشُونَ عَلَيْه، وشَبَّه العَابِدَ بالكَوكَبِ الَّذي لاَ يُضيءُ إلاَّ لنَفْسِه فقَطْ، فتَكُون من مهَمَّة طَالِبِ العِلمِ بَعدَ العَمَلِ نَفعُ النَّاسِ، نَفعُ نَفسِه ونَفعُ النَّاسِ، فلاَ يَكتُم العِلمَ، ولاَ يُخزِّن العِلْمَ ويَترُكُ النَّاسَ يَضلُّونَ.

احذَر الإعْجَابَ بنَفْسِكَ، والكِبْرَ فإنَّ هَاتَينِ الخصْلَتَيْنِ يكسِبَانِه الذِّلَّة والهَوانَ عِنْد اللهِ سبحانه وتعالى، ومَن تَواضَع للهِ رَفعَه، وكلَّ مَا كَثُرَ العِلمُ يَكثُرُ التَّواضُعُ، وكلُّ مَن قلَّ عِلمُه يقِلُّ تَواضُعُه، وهذَا شَيءٌ مَعروفٌ.

مَن اتَّصفَ بالإِعْجَابِ والكِبْرِ يَحصلُ علَى الشَّقاءِ في الدَّارَيْنِ الدُّنيا والآخِرَةِ، فلاَ يَنالُ ما أرَادَ في الدُّنيا، وإنَّما يَنالُ الإهَانةَ مِنَ اللهِ سبحانه وتعالى، وكذَلِكَ في الآخِرَة ينَالُ الجَزاءَ والعِقَابَ.

هَذَا الخِتامُ للنَّاظِم رحمه الله، يقُولُ: إنِّي في هذِه المَنظُومَة بذَلْتُ النُّصحَ، وهُو كذَلكَ جَزاهُ اللهُ خَيرًا، فإنَّه ضمَّنَ هذِه المَنظُومَة مِن الفَوائِد العَظِيمَةِ الشَّيءَ الكَثِيرَ الَّذِي لا يَخفَى، ومَع هذَا يَقولُ: أنَا مُقصِّرٌ، وهذَا شَأنُ المُؤمِنِ أنَّه مَهْمَا عَمِلَ يَرَى نَفسَه مُقصِّرًا.


الشرح