×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فمَا رَوْضَة حفَّت بنُورِ رَبِيعِهَا *** بسَلسَالِهَا العَذْبِ الزُّلاَلِ المُبرَّدِ

بأحْسَنَ مِن أبْيَاتِهَا ومَسَائِلَ *** أحَاطَتْ بِهَا يَومًا بغَيْر تَردُّدِ

فخُذْها بدَرْسٍ لَيسَ بالنَّومِ تُدرَكَنْ *** لأَهْلِ التُّقَى والعِلْم في كُلِّ مَشْهَدِ

****

 وأمَّا النَّاظِم فإنَّه يُعتَبَرُ مُجتَهدًا مُقيَّدًا باتِّبَاع قَواعِد المَذْهَب، والمُجتَهِدُ المُطلَق لَه شُروطٌ مَعروفَةٌ في أصُولِ الفِقْه.

«علَى حُبِّه في اللهِ أُودَعُ مَلْحَدِ» يَقولُ سَأبْقَى علَى حُبِّي للإمَامِ أحْمَد إلى الوَفَاة؛ لأنَّه يسْتَحقُّ المَحبَّة رحمه الله، ويَستَحقُّ الدُّعَاء لَه؛ لأنَّه إمَامٌ في العِلْم والزُّهْد والتَّقْوَى والصَّبْر والاحْتِسَاب.

هذِه المَنظُومَةُ تُشبِهُ الرَّوضَة الغَنَّاءَ الجَميلَةَ بالأزْهَارِ الَّتي فِيهَا المَاء العَذبُ السَّلسَلُ وهُو المَاء العَذْبُ؛ لأنَّها حافِلةٌ بالمَعَانِي، والمَسَائِل العِلميَّة والآدَابِ الشَّرعِيَّة فَهِي مَنظُومَة جَامِعَة.

يُوصِي بهذِه المَنظُومَة ويَقولُ: خُذهَا بالجِدِّ والتَّأمُّل فِيهَا ودِراسَتِهَا، لا بإِهْمَالِهَا والاكْتِفَاءِ باقْتِنَائِها، وهذَا شَأنُ كَثِيرٍ مِنَّا أنَّنا نَخْلُد إلى الرَّاحَةِ والكَسَلِ، ونَقولُ: عِنْدَنا الكُتبُ، عِندَنا مَرَاجِعُ، إذَا احْتَجْنَا نَرجِعُ إلَيْهَا، هذَا لَيسَ هُو طَلبُ عِلْم، طَلبُ العِلْم أنَّك تُرتِّبُ كلَّ يَومٍ لَكَ جِلسَةً معَ نَفْسِكَ، وتُرتِّبُ معَ العُلمَاءِ حتَّى تَلحَقَ العُلمَاءَ الَّذِين مَضَوْا علَى سَبيلِهِم، أمَّا مُجرَّد اقْتنَاء الكُتبِ والنَّوْم هذَا لاَ يُفيدُكَ شَيئًا، لَو دَخلَ عَليْكَ البَيتَ لصٌّ وعِندَك سِلاَح مُغْمدٌ ولا تُحسِنُ اسْتِعْمالَه، هلْ يَنفَعُكَ السِّلاحُ، لاَ يَنفَعُكَ، حتَّى تَعرِفَ التَّدرُّب عَلَيْه، أمَّا أنَّك تَقولُ: أنَا عِنْدِي سِلاحٌ فتَّاكٌ وأنْتَ لاَ تُحْسِنُ اسْتعمَالَه، فإِنَّه لا يُفيدُك، كذَلِكَ كُتبُ العِلْم إذَا كُنتَ لا تَدرُسُها ولا تَعرِفُها لا تُفيدُك شَيئًا، ولَو عُرِضَتْ علَيْك مشْكلَةٌ لا تَستَطِيع حلَّها وإِنْ عِنْدَكَ الكُتبُ.


الشرح